إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)

وهذا فيه تنبيه على كمال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ورفعة درجته، وعلو منزلته عند اللّه وعند خلقه، ورفع ذكره. و { إِنَّ اللَّهَ } تعالى { وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ } عليه، أي: يثني اللّه عليه بين الملائكة، وفي الملأ الأعلى، لمحبته تعالى له، وتثني عليه الملائكة المقربون، ويدعون له ويتضرعون.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } اقتداء باللّه وملائكته، وجزاء له على بعض حقوقه عليكم، وتكميلاً لإيمانكم، وتعظيمًا له صلى اللّه عليه وسلم، ومحبة وإكرامًا، وزيادة في حسناتكم، وتكفيرًا من سيئاتكم وأفضل هيئات الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام، ما علم به أصحابه: "اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" وهذا الأمر بالصلاة والسلام عليه مشروع في جميع الأوقات، وأوجبه كثير من العلماء في الصلاة
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)
يقول تعالى ذكره: إن الله وملائكته يبرّكون على النبي محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
كما حدثني علي، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ ) يقول: يباركون على النبي. وقد يحتمل أن يقال: إن معنى ذلك: أن الله يرحم النبي، وتدعو له ملائكته ويستغفرون، وذلك أن الصلاة في كلام العرب من غير الله إنما هو دعاء . وقد بينا ذلك فيما مضى من كتابنا هذا بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين آمنوا ادعوا لنبي الله محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) يقول: وحيوه تحية الإسلام .
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون، عن عنبسة، عن عثمان بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: أتى رجل النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فقال: سمعت الله يقول (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ...) الآية، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: " قلِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إبْرَاهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، وَبَارك عَلَى مُحَمَّد وَعَلى آلِ مُحَمد، كَمَا بَارَكتَ عَلَى إبْرَاهيمَ إنكَ حَمِيد مَجِيدٌ".
حدثني جعفر بن محمد الكوفي، قال: ثنا يعلى بن الأجلح، عن &; 20-321 &; الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قال: لما نـزلت ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) قمت إليه، فقلت: السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: " قل اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد ".
حدثنا أَبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيل، قال: ثنا أَبو إسرائيل، عن يونس بن خباب، قال: خطبنا بفارس فقال: (إِنَّ الَّلهَ وَمَلائِكَتَه ...) الآية، فقال: أنبأني من سمع ابن عباس يقول: هكذا أنـزل، فقلنا: أو قالوا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: " اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد ".
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن زياد، عن إبراهيم في قوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ ...) الآية، قالوا: يا رسول الله هذا السلام قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا " اللهم صلِّ على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد ".
حدثني يعقوب الدورقي، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود الأنصاري، قال: لما نـزلت ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) قالوا: يا رسول الله هذا السلام قد عرفناه، فكيف الصلاة وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: " قولوا: اللهم صلِّ على محمد كما صليت على آل إبراهيم، اللهم بارك على محمد كما باركت على آل إبراهيم ".
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( إِنَّ &; 20-322 &; اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) قال: لما نـزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله، قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صلِّ على محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد كما باركت على إبراهيم ". وقال الحسن: اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم، إنك حميد مجيد ".
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)

قوله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .
هذه الآية شرف الله بها رسوله عليه السلام حياته وموته ، وذكر منزلته منه ، وطهر بها سوء فعل من استصحب في جهته فكرة سوء ، أو في أمر زوجاته ونحو ذلك . والصلاة من الله رحمته ورضوانه ، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار ، ومن الأمة الدعاء والتعظيم لأمره .
مسألة : واختلف العلماء في الضمير في قوله : يصلون فقالت فرقة : الضمير فيه لله والملائكة ، وهذا قول من الله تعالى شرف به ملائكته ، فلا يصحبه الاعتراض الذي جاء في قول الخطيب : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بئس الخطيب أنت ، قل ومن يعص الله ورسوله أخرجه الصحيح . قالوا : لأنه ليس لأحد أن يجمع ذكر الله تعالى مع غيره في ضمير ، ولله أن يفعل في ذلك ما يشاء . وقالت فرقة : في الكلام حذف ، تقديره إن الله يصلي وملائكته يصلون ، وليس في الآية اجتماع في ضمير ، وذلك جائز للبشر فعله . ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس الخطيب أنت لهذا المعنى ، وإنما قاله لأن الخطيب وقف على ومن يعصهما ، وسكت سكتة . واستدلوا بما رواه أبو داود عن عدي بن حاتم أن خطيبا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من يطع الله ورسوله ومن يعصهما . فقال : قم - أو اذهب - بئس الخطيب أنت . إلا أنه يحتمل أن يكون لما خطأه في وقفه وقال له : بئس الخطيب ، أصلح له بعد ذلك جميع كلامه ، فقال : قل ومن يعص الله ورسوله كما في كتاب مسلم . وهو يؤيد القول الأول بأنه لم يقف على ( ومن يعصهما ) . وقرأ ابن عباس : ( وملائكته ) بالرفع على موضع اسم الله قبل دخول ( إن ) . والجمهور بالنصب عطفا على المكتوبة .
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما فيه خمسة مسائل :
الأولى : قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما أمر الله تعالى عباده بالصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم دون أنبيائه تشريفا له ، ولا خلاف في أن الصلاة عليه فرض في العمر مرة ، وفي كل حين من الواجبات وجوب السنن المؤكدة التي لا يسع تركها ولا يغفلها إلا من لا خير فيه . الزمخشري : فإن قلت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة أم مندوب إليها ؟ قلت : بل واجبة . وقد اختلفوا في حال وجوبها ، فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره . وفي الحديث : ( من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله ) . ويروى أنه قيل له : يا رسول الله ، أرأيت قول الله عز وجل : إن الله وملائكته يصلون على النبي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هذا من العلم المكنون ولولا أنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به ، إن الله تعالى وكل بي ملكين فلا أذكر عند مسلم فيصلي علي إلا قال ذلك الملكان غفر الله لك وقال الله تعالى وملائكته جوابا لذينك الملكين آمين . ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي علي إلا قال ذلك الملكان لا غفر الله لك وقال الله تعالى وملائكته لذينك الملكين آمين ) .
ومنهم من قال : تجب في كل مجلس مرة وإن تكرر ذكره ، كما قال في آية السجدة وتشميت العاطس . وكذلك في كل دعاء في أوله وآخره ، ومنهم من أوجبها في العمر . وكذلك قال في إظهار الشهادتين . والذي يقتضيه الاحتياط : الصلاة عند كل ذكر ، لما ورد من الأخبار في ذلك .
الثانية : واختلفت الآثار في صفة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فروى مالك عن أبي مسعود الأنصاري قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة ، فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم . ورواه النسائي عن طلحة مثله ، بإسقاط قوله : ( في العالمين ) وقوله : ( والسلام كما قد علمتم ) . وفي الباب عن كعب بن عجرة وأبي حميد الساعدي وأبي سعيد الخدري وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وبريدة الخزاعي وزيد بن خارجة ، ويقال ابن حارثة أخرجها أئمة أهل الحديث في كتبهم . وصحح الترمذي حديث كعب بن عجرة . خرجه مسلم في صحيحه مع حديث أبي حميد الساعدي . قال أبو عمر : روى شعبة والثوري عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال : لما نزل قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة ؟ فقال : قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وهذا لفظ حديث الثوري لا حديث شعبة وهو يدخل في التفسير المسند إليه لقول الله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما فبين كيف الصلاة عليه وعلمهم في التحيات كيف السلام عليه ، وهو قوله : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .
وروى المسعودي عن عون بن عبد الله عن أبي فاختة عن الأسود عن عبد الله أنه قال : إذا صليتم على النبي صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه ، فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه . قالوا فعلمنا ، قال : قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ونبيك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة . اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون . اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وروينا بالإسناد المتصل في كتاب ( الشفا ) للقاضي عياض عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : عدهن في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : عدهن في يدي جبريل وقال هكذا أنزلت من عند رب العزة اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم وتحنن على محمد وعلى آل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . قال ابن العربي : من هذه الروايات صحيح ومنها سقيم ، وأصحها ما رواه مالك فاعتمدوه . ورواية غير مالك من زيادة الرحمة مع الصلاة وغيرها لا يقوى ، وإنما على الناس أن ينظروا في أديانهم نظرهم في أموالهم ، وهم لا يأخذون في البيع دينارا معيبا ، وإنما يختارون السالم الطيب ، كذلك لا يؤخذ من الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم سنده ، لئلا يدخل في حيز الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هو يطلب الفضل إذا به قد أصاب النقص ، بل ربما أصاب الخسران المبين .
الثالثة : في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا . وقال سهل بن عبد الله : الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم أفضل العبادات ؛ لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته ، ثم أمر بها المؤمنين ، وسائر العبادات ليس كذلك . قال أبو سليمان الداراني : من أراد أن يسأل الله حاجة فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يسأل الله حاجته ، ثم يختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يرد ما بينهما . وروى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : الدعاء يحجب دون السماء حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا جاءت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رفع الدعاء . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من صلى علي وسلم علي في كتاب لم تزل الملائكة يصلون عليه ما دام اسمي في ذلك الكتاب .
الرابعة : واختلف العلماء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، فالذي عليه الجم الغفير والجمهور الكثير : أن ذلك من سنن الصلاة ومستحباتها . قال ابن المنذر : يستحب ألا يصلي أحد صلاة إلا صلى فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن ترك ذلك تارك فصلاته مجزية في مذهب مالك وأهل المدينة وسفيان الثوري وأهل الكوفة من أصحاب الرأي وغيرهم . وهو قول جل أهل العلم . وحكي عن مالك وسفيان أنها في التشهد الأخير مستحبة ، وأن تاركها في التشهد مسيء . وشذ الشافعي فأوجب على تاركها في الصلاة الإعادة . وأوجب إسحاق الإعادة مع تعمد تركها دون النسيان . وقال أبو عمر : قال الشافعي إذا لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير بعد التشهد وقبل التسليم أعاد الصلاة . قال : وإن صلى عليه قبل ذلك لم تجزه . وهذا قول حكاه عنه حرملة بن يحيى ، لا يكاد يوجد هكذا عن الشافعي إلا من رواية حرملة عنه ، وهو من كبار أصحابه الذين كتبوا كتبه . وقد تقلده أصحاب الشافعي ومالوا إليه وناظروا عليه ، وهو عندهم تحصيل مذهبه . وزعم الطحاوي أنه لم يقل به أحد من أهل العلم غيره . وقال الخطابي وهو من أصحاب الشافعي : وليست بواجبة في الصلاة ، وهو قول جماعة الفقهاء إلا الشافعي ، ولا أعلم له فيها قدوة . والدليل على أنها ليست من فروض الصلاة عمل السلف الصالح قبل الشافعي وإجماعهم عليه ، وقد شنع عليه في هذه المسألة جدا . وهذا تشهد ابن مسعود الذي اختاره الشافعي وهو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك كل من روى التشهد عنه صلى الله عليه وسلم . وقال ابن عمر : كان أبو بكر يعلمنا التشهد على المنبر كما تعلمون الصبيان في الكتاب . وعلمه أيضا على المنبر عمر ، وليس فيه ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : قد قال بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة محمد بن المواز من أصحابنا فيما ذكر ابن القصار وعبد الوهاب ، واختاره ابن العربي للحديث الصحيح : إن الله أمرنا أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك ؟ فعلم الصلاة ووقتها فتعينت كيفية ووقتا . وذكر الدارقطني عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين أنه قال : لو صليت صلاة لم أصل فيها على النبي صلى الله عليه وسلم ولا على أهل بيته لرأيت أنها لا تتم . وروي مرفوعا عنه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم . والصواب أنه قول أبي جعفر ، قاله الدارقطني .
الخامسة : قوله تعالى : عليه وسلموا ، قال القاضي أبو بكر بن بكير : نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم فأمر الله أصحابه أن يسلموا عليه . وكذلك من بعدهم أمروا أن يسلموا عليه عند حضورهم قبره وعند ذكره . وروى النسائي عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر يرى في وجهه ، فقلت : إنا لنرى البشرى في وجهك ! فقال : إنه أتاني الملك فقال يا محمد إن ربك يقول أما يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا . وعن محمد بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما منكم من أحد يسلم علي إذا مت إلا جاءني سلامه مع جبريل يقول يا محمد هذا فلان بن فلان يقرأ عليك السلام فأقول وعليه السلام ورحمة الله وبركاته وروى النسائي عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام . قال القشيري والتسليم قولك : سلام عليك .
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)

قوله - عز وجل - : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) قال ابن عباس : أراد إن الله يرحم النبي ، والملائكة يدعون له . وعن ابن عباس أيضا : " يصلون " يتبركون .
وقيل : الصلاة من الله : الرحمة ، ومن الملائكة : الاستغفار .
( ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه ) أي : ادعوا له بالرحمة ( وسلموا تسليما ) أي : حيوه بتحية الإسلام .
وقال أبو العالية : صلاة الله : ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة : الدعاء .
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه ببغداد ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب ، أخبرنا موسى بن إسماعيل ، أخبرنا أبو سلمة ، أخبرنا عبد الواحد بن زياد ، أخبرنا أبو فروة ، حدثني عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى سمع عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقلت : بلى فاهدها لي ، فقال سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقلنا : يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت ؟ قال : " قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد " .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا مصعب ، عن مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عمرو بن سليمان الزرقي أنه قال : أخبرني أبو حميد الساعدي أنهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد " .
أخبرنا أبو عمرو ومحمد بن عبد الرحمن النسوي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا العباس بن محمد الدوري ، أخبرنا خالد بن مخلد القطواني ، أخبرنا موسى بن يعقوب ، أخبرنا العباس بن كيسان ، أخبرني عبد الله بن شداد ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة " .
أخبرنا أبو عبد الله بن الفضل الخرقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أخبرنا عبد الله ابن عمر الجوهري ، أخبرنا أحمد بن علي الكشميهني ، أخبرنا علي بن حجر ، أخبرنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا " .
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي توبة ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أخبرنا عبد الله بن المبارك ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن سليمان مولى الحسن بن علي ، عن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه جاء ذات يوم والبشرى في وجهه ، فقال : " إنه جاءني جبريل فقال : إن ربك يقول أما يرضيك يا محمد أن لا يصل عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أخبرنا أبو القاسم البغوي ، أخبرنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن عاصم هو ابن عبيد الله قال : سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من صلى علي صلاة صلت عليه الملائكة ما صلى علي فليقل العبد من ذلك أو ليكثر " .
حدثنا أبو القاسم يحيى بن علي الكشميهني ، أخبرنا جناح بن يزيد المحاربي بالكوفة ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ، أخبرنا ابن حازم ، أخبرنا عبد الله بن موسى وأبو نعيم ، عن سفيان ، عن عبيد الله بن السائب ، عن زاذان ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام " .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features