۞ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)

أي: إذا وقع على الناس القول الذي حتمه الله وفرض وقته. { أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً } خارجة { مِنَ الْأَرْضِ } أو دابة من دواب الأرض ليست من السماء. وهذه الدابة { تُكَلِّمُهُمْ } أي: تكلم العباد أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون، أي: لأجل أن الناس ضعف علمهم ويقينهم بآيات الله، فإظهار الله هذه الدابة من آيات الله العجيبة ليبين للناس ما كانوا فيه يمترون.
وهذه الدابة هي الدابة المشهورة التي تخرج في آخر الزمان وتكون من أشراط الساعة كما تكاثرت بذلك الأحاديث [ولم يأت دليل يدل على كيفيتها ولا من أي: نوع هي وإنما دلت الآية الكريمة على أن الله يخرجها للناس وأن هذا التكليم منها خارق للعوائد المألوفة وأنه من الأدلة على صدق ما أخبر الله به في كتابه والله أعلم]
۞ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعًا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: (وإذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) قال: حقّ عليهم.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: (وإذا وقع الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) يقول: إذا وجب القول عليهم.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: (وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) قال: حقّ العذاب.
قال ابن جُرَيج: القول: العذاب.
*ذكر من قال قولنا في معنى القول.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة: (وإذا وقع القول عَلَيْهِمْ ) والقول: الغضب.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, عن هشام, عن حفصة, قالت: سألت أبا العالية, عن قوله: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) فقال: أوحى الله إلى نوح أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ قالت: فكأنما كان على وجهي غطاء فكشف.
وقال جماعة من أهل العلم: خروج هذه الدابة التي ذكرها حين لا يأمر الناس بمعروف ولا ينهون عن منكر.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا الأشجعي, عن سفيان, عن عمرو بن قيس, عن عطية العوفي, عن ابن عمر في قوله: ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ ) قال: هو حين لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا محمد بن الحسن أبو الحسن, قال: ثنا عمرو بن قيس الملائي, عن عطية, عن ابن عمر, في قوله: ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ ) قال: ذاك إذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن عمرو بن قيس, عن عطية, عن ابن عمر, في قوله: (أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ ) قال: حين لا يأمرون بالمعروف, ولا ينهون عن المنكر.
حدثني محمد بن عمرو المقدسي, قال: ثنا أشعث بن عبد الله السجستاني, قال: ثنا شعبة, عن عطية, في قوله: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تُكَلِّمُهُمْ ) قال: إذا لم يعرفوا معروفا, ولم ينكروا منكرا.
وذُكر أن الأرض التي تخرج منها الدابة مكة.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثني الأشجعي, عن فضيل بن مرزوق, عن عطية, عن ابن عمر, قال: تخرج الدابة من صَدع في الصفا، كجري الفرس ثلاثة أيام وما خرج ثلثها.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا الحكم بن بشير, قال: ثنا عمرو بن قيس, عن الفرات القزاز, عن عامر بن واثلة أبي الطفيل, عن حُذيفة بن أسيد الغفاري, قال: إن الدابة حين تخرج يراها بعض الناس فيقولون: والله لقد رأينا الدابة, حتى يبلغ ذلك الإمام, فيطلب فلا يقدر على شيء. قال: ثم تخرج فيراها الناس, فيقولون: والله لقد رأيناها, فيبلغ ذلك الإمام فيطلب فلا يرى شيئا, فيقول: أما إني إذا حدث الذي يذكرها قال: حتى يعدّ فيها القتل, قال: فتخرج, فإذا رآها الناس دخلوا المسجد يصلون, فتجيء إليهم فتقول: الآن تصلون, فتخطم الكافر, وتمسح على جبين المسلم غرّة, قال: فيعيش الناس زمانا يقول هذا: يا مؤمن, وهذا: يا كافر.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا عثمان بن مطر, عن واصل مولى أبي عيينة, عن أبي الطفيل, عن حُذيفة, وأبي سفيان, ثنا عن معمر, عن قيس بن سعد, عن أبي الطفيل, عن حُذيفة بن أسيد, في قوله: (أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ ) قال: للدابة ثلاث خرجات: خرجة في بعض البوادي ثم تكمن, وخرجة في بعض القُرى حين يهرَيق فيها الأمراء الدماء, ثم تكمن, فبينا الناس عند أشرف المساجد وأعظمها وأفضلها, إذ ارتفعت بهم الأرض, فانطلق الناس هرابا, وتبقى طائفة من المؤمنين, ويقولون: إنه لا ينجينا من الله شيء, فتخرج عليهم الدابة تجلو وجوههم مثل الكوكب الدرّيّ، ثم تنطلق فلا يدركها طالب ولا يفوتها هارب, وتأتي الرجل يصلي, فتقول: والله ما كنت من أهل الصلاة, فيلتفت إليها فتخطمه, قال: تجلو وجه المؤمن, وتخطم الكافر, قلنا: فما الناس يومئذٍ؟ قال: جيران في الرباع, وشركاء في الأموال, وأصحاب في الأسفار.
حدثني أبو السائب, قال: ثنا ابن فضيل, عن الوليد بن جميع, عن عبد الملك بن المُغيرة, عن عبد الرحمن بن البيلماني, عن ابن عمر: يبيت الناس يسيرون إلى جمع, وتبيت دابة الأرض تسايرهم, فيصبحون وقد خطمتهم من رأسها وذنبها, فما من مؤمن إلا مسحته, ولا من كافر ولا منافق إلا تخبطه.
حدثنا مجاهد بن موسى, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا الخيبري, عن حيان بن عمير, عن حسان بن حمصة, قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: لو شئت لانتعلت بنعليّ هاتين, فلم أمسّ الأرض قاعدا حتى أقف على الأحجار التي تخرج الدابة من بينها, ولكأني بها قد خرجت في عقب ركب من الحاجِّ, قال: فما حججت قطّ إلا خفت تخرج بعقبنا.
حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي, قال: ثنا أبو أسامة, عن هشام, عن قيس بن سعد, عن عطاء, قال: رأيت عبد الله بن عمرو, وكان منـزله قريبا من الصفا, رفع قدمه وهو قائم, وقال: لو شئت لم أضعها حتى أضعها على المكان الذي تخرج منه الدابة.
حدثنا عصام بن روّاد بن الجراح, قال: ثنا أبي, قال: ثنا سفيان بن سعيد الثوريّ, قال: ثنا منصور بن المعتمر, عن ربعي بن حراش, قال: سمعت حُذيفة بن اليمان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وذكر الدابة, فقال حُذيفة: قلت يا رسول الله, من أين تخرج؟ قال: " مِنْ أَعْظَمِ المَساجِدِ حُرْمَةً عَلى اللهِ, بَيْنَما عِيسَى يَطُوفُ بالبَيْتِ وَمَعَهُ المُسْلِمُونَ, إذْ تَضْطَرِبُ الأرْضُ تحْتَهُمْ, تَحَرُّكَ القِنْديلِ, وَيَنْشَق الصَّفا ممَّا يَلي المَسْعَى, وَتَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنَ الصَّفا، أوَّلُ ما يَبْدُو رأْسُها، مُلَمَّعَةٌ ذَاتُ وَبَرٍ وَرِيشٍ, لَمْ يُدْرِكْها طالبٌ, وَلَنْ يَفُوتَها هاربٌ, تَسِمُ النَّاسَ مُؤْمِنٌ وكافِرٌ, أمَّا المُؤْمِنُ فَتَتْرُكُ وَجْهَهُ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرّيّ, وتَكْتُبُ بينَ عَيْنَيْهِ مُؤْمِنٌ , وأمَّا الكافُِر فَتَنْكُتُ بينَ عَيْنَيْهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاء كافِرٌ".
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو الحسين, عن حماد بن سلمة, عن علي بن زيد بن جدعان, عن أوس بن خالد, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ وَعَصَا مُوسَى, فَتَجْلُو وَجْهَ المُؤْمِنِ بالْعَصَا, وَتَخْتِمُ أنْفَ الكَافِرِ بِالْخَاتَمِ, حَتَّى إنَّ أَهْلَ البَيْتِ لَيَجْتَمِعُونَ فَيَقُولُ هذَا: يا مُؤْمِنُ, وَيَقُولُ هَذَا: يا كافِرُ".
قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة, قال: هي دابة ذات زغب وريش, ولها أربع قوائم تخرج من بعض أودية تهامة, قال: قال عبد الله بن عمر: إنها تنكت في وجه الكافر نكتة سوداء, فتفشو في وجهه, فيسودّ وجهه, وتنكت في وجه المؤمن نكتة بيضاء فتفشو في وجه, حتى يبيضّ وجهه, فيجلس أهل البيت على المائدة, فيعرفون المؤمن من الكافر, ويتبايعون في الأسواق, فيعرفون المؤمن من الكافر.
حدثني ابن عبد الرحيم البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: ثنا ابن لهيعة ويحيى بن أيوب, قالا ثنا ابن الهاد, عن عمر بن الحكم, أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول: تخرج الدابة من شعب, فيمسّ رأسها السحاب, ورجلاها في الأرض ما خرجتا, فتمرّ بالإنسان يصلي, فتقول: ما الصلاة من حاجتك فتخطمه.
حدثنا صالح بن مسمار, قال: ثنا ابن أبي فديك, قال: ثنا يزيد بن عياض, عن محمد بن إسحاق, أنه بلغه عن عبد الله بن عمرو, قال: تخرج دابة الأرض ومعها خاتم سليمان وعصا موسى, فأما الكافر فتختم بين عينيه بخاتم سليمان, وأما المؤمن فتمسح وجهه بعصا موسى فيبيض.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( تُكَلِّمُهُمْ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار: ( تُكَلِّمُهُمْ ) بضم التاء وتشديد اللام, بمعنى تخبرهم وتحدثهم, وقرأه أبو زرعة بن عمرو: " تَكْلِمُهُمْ" بفتح التاء وتخفيف اللام بمعنى: تسمهم.
والقراءة التي لا أستجيز غيرها في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: (أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ ) قال: تحدثهم.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: (أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ ) وهي في بعض القراءة " تحدثهم " تقول لهم: (أن الناس كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ).
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس, في قوله: ( تُكَلِّمُهُمْ ) قال: كلامها تنبئهم (أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ َ ).
وقوله: (أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الحجاز والبصرة والشام: " إنَّ النَّاسَ" بكسر الألف من " إن " على وجه الابتداء بالخبر عن الناس أنهم كانوا بآيات الله لا يوقنون; وهي وإن كسرت في قراءة هؤلاء فإن الكلام لها متناول. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة وبعض أهل البصرة: (أَنَّ النَّاسَ كَانُوا ) بفتح أن بمعنى: تكلمهم بأن الناس, فيكون حينئذ نصب بوقوع الكلام عليها.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان متقاربتا المعنى مستفيضتان في قراءة الأمصار, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
۞ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)

قوله تعالى : وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم : اختلف في معنى وقع القول وفي ( الدابة ) فقيل : معنى وقع القول عليهم وجب الغضب عليهم ; قاله قتادة . وقال مجاهد : أي حق القول عليهم بأنهم لا يؤمنون . وقال ابن عمر وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهما : إذا لم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر وجب السخط عليهم . وقال عبد الله بن مسعود : ( وقع القول ) يكون بموت العلماء وذهاب العلم ورفع القرآن . قال عبد الله : أكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع ، قالوا : هذه المصاحف ترفع ، فكيف بما في صدور الرجال ؟ قال : يسرى عليه ليلا فيصبحون منه قفرا ، وينسون لا إله إلا الله ، ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم ، وذلك حين يقع القول عليهم .
قلت : أسنده أبو بكر البزار قال : حدثنا عبد الله بن يوسف الثقفي قال : حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن موسى بن عبيدة عن صفوان بن سليم عن ابن لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن أبيه أنه قال : أكثروا من زيارة هذا البيت من قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه ; وأكثروا تلاوة القرآن من قبل أن يرفع ; قالوا : يا أبا عبد الرحمن هذه المصاحف ترفع فكيف بما في صدور الرجال ؟ قال : فيصبحون فيقولون كنا نتكلم بكلام ونقول قولا . فيرجعون إلى شعر الجاهلية وأحاديث الجاهلية ، وذلك حين يقع القول عليهم . وقيل : القول هو قوله تعالى : ولكن حق القول مني لأملأن جهنم فوقوع القول وجوب العقاب على هؤلاء ،
فإذا صاروا إلى حد لا تقبل توبتهم ولا يولد لهم ولد مؤمن فحينئذ تقوم القيامة ; ذكره القشيري . وقول سادس : قالت حفصة بنت سيرين سألت أبا العالية عن قول الله تعالى : وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم فقال : أوحى الله إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن وكأنما كان على وجهي غطاء فكشف . قال النحاس : وهذا من حسن الجواب ; لأن الناس ممتحنون ومؤخرون لأن فيهم مؤمنين وصالحين ، ومن قد علم الله عز وجل أنه سيؤمن ويتوب ; فلهذا أمهلوا وأمرنا بأخذ الجزية ، فإذا زال هذا وجب القول عليهم ، فصاروا كقوم نوح حين قال الله تعالى : إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن .
قلت : وجميع الأقوال عند التأمل ترجع إلى معنى واحد . والدليل عليه آخر الآية إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون وقرئ : ( أن ) بفتح الهمزة وسيأتي . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا : طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض وقد مضى . واختلف في تعيين هذه الدابة وصفتها ومن أين تخرج اختلافا كثيرا قد ذكرناه في كتاب ( التذكرة ) ونذكره هنا إن شاء الله تعالى مستوفى . فأول الأقوال أنه فصيل ناقة صالح وهو أصحها - والله أعلم - لما ذكره أبو داود الطيالسي في مسنده عن حذيفة قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال : لها ثلاث خرجات من الدهر فتخرج في أقصى البادية ولا يدخل ذكرها القرية - يعني مكة - ثم تكمن زمانا طويلا ثم تخرج خرجة أخرى دون ذلك فيفشو ذكرها في البادية ويدخل ذكرها القرية . يعني مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة خيرها وأكرمها على الله المسجد الحرام لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام تنفض عن رأسها التراب فارفض الناس منها شتى ومعا وتثبت عصابة من المؤمنين وعرفوا أنهم لن يعجزوا الله فبدأت بهم فجلت وجوههم حتى جعلتها كأنها الكوكب الدري وولت في الأرض لا يدركها طالب ولا ينجو منها هارب حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول : يا فلان الآن تصلي ؟ فتقبل عليه فتسمه في وجهه ثم تنطلق ويشترك الناس في الأموال ويصطلحون في الأمصار يعرف المؤمن من الكافر حتى إن المؤمن يقول : يا كافر اقض حقي . وموضع الدليل من هذا الحديث أنه الفصيل قوله : وهي ترغو . والرغاء إنما هو للإبل ; وذلك أن الفصيل لما قتلت الناقة هرب فانفتح له حجر فدخل في جوفه ثم انطبق عليه ، فهو فيه حتى يخرج بإذن الله عز وجل . وروي أنها دابة مزغبة شعراء ، ذات قوائم طولها ستون ذراعا ، ويقال إنها الجساسة ; وهو قول عبد الله بن عمر وروي عن ابن عمر أنها على خلقة الآدميين ; وهي في السحاب وقوائمها في الأرض . وروي أنها جمعت من خلق كل حيوان . وذكر الماوردي والثعلبي : رأسها رأس ثور ، وعينها عين خنزير ، وأذنها أذن فيل ، وقرنها قرن أيل ، وعنقها عنق نعامة ، وصدرها صدر أسد ، ولونها لون نمر ، وخاصرتها خاصرة هر ، وذنبها ذنب كبش ، وقوائمها قوائم بعير بين كل مفصل ومفصل اثنا عشر ذراعا - الزمخشري : بذراع آدم عليه السلام - ويخرج معها عصا موسى وخاتم سليمان ، فتنكت في وجه المسلم بعصا موسى نكتة بيضاء فيبيض وجهه ، وتنكت في وجه الكافر بخاتم سليمان عليه السلام فيسود وجهه ; قاله ابن الزبير رضي الله عنهما . وفي كتاب النقاش عن ابن عباس رضي الله عنهما : إن الدابة الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعتها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة . وحكى الماوردي عن محمد بن كعب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن الدابة فقال : أما والله ما لها ذنب وإن لها للحية . قال الماوردي : وفي هذا القول منه إشارة إلى أنها من الإنس وإن لم يصرح به .
قلت : ولهذا - والله أعلم - قال بعض المتأخرين من المفسرين : إن الأقرب أن تكون هذه الدابة إنسانا متكلما يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم لينقطعوا ، فيهلك من هلك عن بينة : ويحيا من حيي عن بينة . قال شيخنا الإمام أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي في كتاب ( المفهم ) له : وإن ما كان عند هذا القائل الأقرب لقوله تعالى : ( تكلمهم ) وعلى هذا فلا يكون في هذه الدابة آية خاصة خارقة للعادة ، ولا يكون من العشر الآيات المذكورة في الحديث ; لأن وجود المناظرين والمحتجين على أهل البدع كثير ، فلا آية خاصة بها فلا ينبغي أن تذكر مع العشر ، وترتقع خصوصية وجودها إذا وقع القول ، ثم فيه العدول عن تسمية هذا الإنسان المناظر الفاضل العالم الذي على أهل الأرض أن يسموه باسم الإنسان أو بالعالم أو بالإمام إلى أن يسمى بدابة ; وهذا خروج عن عادة الفصحاء ، وعن تعظيم العلماء ، وليس ذلك دأب العقلاء ; فالأولى ما قاله أهل التفسير ، والله أعلم بحقائق الأمور .
قلت : قد رفع الإشكال في هذه الدابة ما ذكرناه من حديث حذيفة فليعتمد عليه ، واختلف من أي موضع تخرج ، فقال عبد الله بن عمر : تخرج من جبل الصفا بمكة ; يتصدع فتخرج منه . قال عبد الله بن عمرو نحوه وقال : لو شئت أن أضع قدمي على موضع خروجها لفعلت وروي في خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن الأرض تنشق عن الدابة وعيسى عليه السلام يطوف بالبيت ومعه المسلمون من ناحية المسعى وإنها تخرج من الصفا فتسم بين عيني المؤمن هو مؤمن سمة كأنها كوكب دري وتسم بين عيني الكافر نكتة سوداء : كافر وذكر في الخبر أنها ذات وبر وريش ; ذكره المهدوي . وعن ابن عباس أنها تخرج من شعب فتمس رأسها السحاب ورجلاها في الأرض لم تخرجا ، وتخرج ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما السلام . وعن حذيفة : تخرج ثلاث خرجات ; خرجة في بعض البوادي ثم تكمن ، وخرجة في القرى يتقاتل فيها الأمراء حتى تكثر الدماء ، وخرجة من أعظم المساجد وأكرمها وأشرفها وأفضلها الزمخشري : تخرج من بين الركن حذاء دار بني مخزوم عن يمين الخارج من المسجد ; فقوم يهربون ، وقوم يقفون نظارة . وروي عن قتادة أنها تخرج في تهامة . وروي أنها تخرج من مسجد الكوفة من حيث فار تنور نوح عليه السلام . وقيل : من أرض الطائف ; قال أبو قبيل : ضرب عبد الله بن عمرو أرض الطائف برجله وقال : من هنا تخرج الدابة التي تكلم الناس وقيل : من بعض أودية تهامة ; قاله ابن عباس وقيل : من صخرة من شعب أجياد ; قاله عبد الله بن عمرو . وقيل : من بحر سدوم ; قاله وهب بن منبه . ذكر هذه الأقوال الثلاثة الأخيرة الماوردي في كتابه . وذكر البغوي أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال : حدثنا علي بن الجعد عن فضيل بن مرزوق الرقاشي الأغر - وسئل عنه يحيى بن معين فقال ثقة - عن عطية العوفي عن ابن عمر قال : تخرج الدابة من صدع في الكعبة كجري الفرس ثلاثة أيام لا يخرج ثلثها .
قلت : فهذه أقوال الصحابة والتابعين في خروج الدابة وصفتها ، وهي ترد قول من قال من المفسرين : إن الدابة إنما هي إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر وقد روى أبو أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم ذكره الماوردي . تكلمهم بضم التاء وشد اللام المكسورة - من الكلام - قراءة العامة ; يدل عليه قراءة أبي ( تنبئهم ) . وقال السدي : تكلمهم ببطلان الأديان سوى دين الإسلام . وقيل : تكلمهم بما يسوءهم . وقيل : تكلمهم بلسان ذلق فتقول بصوت يسمعه من قرب وبعد ( إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) أي بخروجي ; لأن خروجها من الآيات . وتقول : ألا لعنة الله على الظالمين . وقرأ أبو زرعة وابن عباس والحسن وأبو رجاء : ( تكلمهم ) بفتح التاء من ( الكلم ) وهو الجرح قال عكرمة : أي تسمهم . وقال أبو الجوزاء : سألت ابن عباس عن هذه الآية تكلمهم أو ( تكلمهم ) ؟ فقال : هي والله ( تكلمهم ) و ( تكلمهم ) تكلم المؤمن وتكلم الكافر والفاجر أي تجرحه . وقال أبو حاتم : ( تكلمهم ) كما تقول : تجرحهم ; يذهب إلى أنه تكثير من ( تكلمهم ) . أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون وقرأ الكوفيون وابن أبي إسحاق ويحيى : ( أن ) بالفتح . وقرأ أهل الحرمين وأهل الشام وأهل البصرة : ( إن ) بكسر الهمزة . قال النحاس : في المفتوحة قولان وكذا المكسورة ; قال الأخفش : المعنى ( بأن ) وكذا قرأ ابن مسعود ( بأن ) وقال أبو عبيدة : موضعها نصب بوقوع الفعل عليها ; أي تخبرهم أن الناس . وقرأ الكسائي والفراء : ( إن الناس ) بالكسر على الاستئناف وقال الأخفش : هي بمعنى : تقول : إن الناس ; يعني الكفار بآياتنا لا يوقنون يعني بالقرآن وبمحمد صلي الله عليه وسلم ، وذلك حين لا يقبل الله من كافر إيمانا ولم يبق إلا مؤمنون وكافرون في علم الله قبل خروجها ; والله أعلم .
۞ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)

قوله تعالى : ( وإذا وقع القول عليهم ) وجب العذاب عليهم ، وقال قتادة : إذا غضب الله عليهم ، ( أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ) واختلفوا في كلامها ، فقال السدي : تكلمهم ببطلان الأديان سوى دين الإسلام . وقال بعضهم : كلامها أن تقول لواحد : هذا مؤمن ، وتقول لآخر : هذا كافر . وقيل كلامها ما قال الله تعالى : ( أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) قال مقاتل تكلمهم بالعربية ، فتقول : إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ، تخبر الناس أن أهل مكة لم يؤمنوا بالقرآن والبعث .
قرأ أهل الكوفة : " أن الناس " بفتح الألف ، أي : بأن الناس ، وقرأ الباقون بالكسر على الاستئناف ، أي : إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون قبل خروجها . قال ابن عمر : وذلك حين لا يؤمر بمعروف ولا ينهى عن منكر . وقرأ سعيد بن جبير ، وعاصم الجحدري ، وأبو رجاء العطاردي : " تكلمهم " بفتح التاء وتخفيف اللام من " الكلم " وهو الجرح . قال أبو الجوزاء : سألت ابن عباس - رضي الله عنهما - عن هذه الآية : " تكلمهم أو تكلمهم " ؟ قال : كل ذلك تفعل ، تكلم المؤمن ، وتكلم الكافر . أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أخبرنا أبو الحسن الطيسفوني ، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري ، أخبرنا أحمد بن علي الكشميهني ، أخبرنا علي بن حجر ، أخبرنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " بادروا بالأعمال ستا : طلوع الشمس من مغربها ، والدخان ، والدجال ، ودابة الأرض ، وخاصة أحدكم ، وأمر العامة " . أخبرنا إسماعيل بن عبد الله ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أخبرنا مسلم بن الحجاج ، أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة ، أخبرنا محمد بن بشر ، عن أبي حيان ، عن أبي زرعة ، عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبا " .
وأخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن فنجويه ، أخبرنا أبو بكر بن خرجة ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ، أخبرنا هشيم بن حماد ، أخبرنا عمرو بن محمد العبقري ، عن طلحة عن عمرو ، عن عبد الله بن عمير الليثي ، عن أبي سريحة الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يكون للدابة ثلاث خرجات من الدهر ، فتخرج خروجا بأقصى اليمن فيفشو ذكرها بالبادية ولا يدخل ذكرها القرية " ، يعني مكة ، " ثم تمكث زمانا طويلا ثم تخرج خرجة أخرى قريبا من مكة ، فيفشو ذكرها بالبادية ، ويدخل ذكرها القرية - يعني مكة - فبينما الناس يوما في أعظم المساجد على الله حرمة وأكرمها على الله - عز وجل - يعني المسجد الحرام - لم يرعهم إلا وهي في ناحية المسجد تدنو وتدنو " كذا قال ابن عمر ، وما بين الركن الأسود إلى باب بني مخزوم عن يمين الخارج في وسط من ذلك فارفض الناس عنها وثبتت لها عصابة عرفوا أنهم لم يعجزوا الله ، فخرجت عليهم تنفض رأسها من التراب فمرت بهم فجلت عن وجوههم حتى تركتها كأنها الكواكب الدرية ، ثم ولت في الأرض لا يدركها طالب ولا يعجزها هارب ، حتى أن الرجل ليقوم فيتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول : يا فلان الآن تصلي ؟ فيقبل عليها بوجهه فتسمه في وجهه ، فيتجاور الناس في ديارهم ، ويصطحبون في أسفارهم ، ويشتركون في الأموال ، يعرف الكافر من المؤمن ، فيقال للمؤمن : يا مؤمن ، ويقال للكافر : يا كافر "
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني الحسن بن محمد ، أخبرنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، أخبرنا أبي ، حدثنا بهز ، حدثنا حماد ، هو ابن أبي سلمة ، أخبرنا علي بن زيد ، عن أوس بن خالد ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " تخرج الدابة ومعها عصا موسى وخاتم سليمان ، فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتختم أنف الكافر بالخاتم ، حتى إن أهل الخوان ليجتمعون فيقول هذا يا مؤمن ويقول هذا يا كافر " . وروي عن علي قال : ليست بدابة لها ذنب ، ولكن لها لحية ، كأنه يشير إلى أنه رجل والأكثرون على أنها دابة . وروى ابن جريج عن أبي الزبير أنه وصف الدابة فقال : رأسها رأس الثور وعينها عين الخنزير ، وأذنها أذن فيل ، وقرنها قرن أيل ، وصدرها صدر أسد ، ولونها لون نمر ، وخاصرتها خاصرة هر وذنبها ذنب كبش ، وقوائمها قوائم بعير ، بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعا ، ومعها عصا موسى ، وخاتم سليمان ، فلا يبقى مؤمن إلا نكتته في مسجده بعصا موسى نكتة بيضاء يضيء بها وجهه ، ولا يبقى كافر إلا نكتت وجهه بخاتم سليمان فيسود بها وجهه ، حتى إن الناس يتبايعون في الأسواق : بكم يا مؤمن ؟ بكم يا كافر ؟ ثم تقول لهم الدابة : يا فلان أنت من أهل الجنة ، ويا فلان أنت من أهل النار ، فذلك قوله - عز وجل - : ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض ) الآية .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني عقيل بن محمد الجرجاني الفقيه ، أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا البغدادي ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، أخبرنا أبو كريب ، أخبرنا الأشجعي ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن ابن عمر قال : تخرج الدابة من صدع في الصفا كجري الفرس ثلاثة أيام وما خرج ثلثها . وبه عن محمد بن جرير الطبري قال : حدثني عصام بن داود بن الجراح ، حدثنا أبي ، حدثنا سفيان بن سعيد ، أخبرنا منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدابة ، قلت : يا رسول الله من أين تخرج ؟ قال : " من أعظم المساجد حرمة على الله ، بينما عيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون إذ تضرب الأرض تحتهم ، وتنشق الصفا مما يلي المشعر ، وتخرج الدابة من الصفا أول ما يبدر منها رأسها ملمعة ذات وبر وريش ، لن يدركها طالب ولن يفوتها هارب ، تسمي الناس مؤمنا وكافرا ، أما المؤمن فتترك وجهه كأنه كوكب دري وتكتب بين عينيه مؤمن ، وأما الكافر فتنكت بين عينيه نكتة سوداء ، وتكتب بين عينيه كافر " . وروي عن ابن عباس : أنه قرع الصفا بعصاه وهو محرم ، وقال : إن الدابة لتسمع قرع عصاي هذه . وعن عبد الله بن عمر ، قال : تخرج الدابة من شعب فيمس رأسها في السحاب ورجلاها في الأرض ما خرجتا ، فتمر بالإنسان يصلي فتقول : ما الصلاة من حاجتك ، فتخطمه .
وعن ابن عمر قال : تخرج الدابة ليلة جمع الناس والناس يسيرون إلى منى . وعن سهيل بن صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " بئس الشعب شعب أجياد " ، مرتين أو ثلاثا ، قيل : ولم ذلك يا رسول الله ؟ قال : " تخرج منه الدابة فتصرخ ثلاث صرخات يسمعها من بين الخافقين " وقال وهب : وجهها وجه رجل وسائر خلقها كخلق الطير ، فتخبر من رآها أن أهل مكة كانوا بمحمد والقرآن لا يوقنون .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features