وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51)

يخبر تعالى عن حالة الخلق وأنهم مع هذه النعم عليهم بإحياء الأرض بعد موتها ونشر رحمة اللّه تعالى لو أرسلنا على هذا النبات الناشئ عن المطر وعلى زروعهم ريحا مضرة متلفة أو منقصة، { فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا } قد تداعى إلى التلف { لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } فينسون النعم الماضية ويبادرون إلى الكفر.
وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51)

قوله تعالى : ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون .
قوله تعالى : ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا يعني الريح ، والريح يجوز تذكيره . قال محمد بن يزيد : لا يمتنع تذكير كل مؤنث غير حقيقي ، نحو أعجبني الدار وشبهه . وقيل : فرأوا السحاب . وقال ابن عباس : الزرع ، وهو الأثر ; والمعنى : فرأوا الأثر مصفرا ; واصفرار الزرع بعد اخضراره يدل على يبسه ، وكذا السحاب يدل على أنه لا يمطر ، والريح على أنها لا تلقح لظلوا من بعده يكفرون أي ليظلن ; وحسن وقوع الماضي في موضع المستقبل لما في الكلام من معنى المجازاة ، والمجازاة لا تكون إلا بالمستقبل ; قاله الخليل وغيره .
وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51)

(ولئن أرسلنا ريحا ) باردة مضرة فأفسدت الزرع ( فرأوه مصفرا ) أي : رأوا النبت والزرع مصفرا بعد الخضرة ) ( لظلوا ) لصاروا ) ( من بعده ) أي : من بعد اصفرار الزرع ) ( يكفرون ) يجحدون ما سلف من النعمة ، يعني : أنهم يفرحون عند الخصب ، ولو أرسلت عذابا على زرعهم جحدوا سالف نعمتي .
وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51)

ثم قال تعالى : ( ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون ) ، يقول ( ولئن أرسلنا ريحا ) يابسة على الزرع الذي زرعوه ، ونبت وشب واستوى على سوقه ، فرأوه مصفرا ، أي : قد اصفر وشرع في الفساد ، لظلوا من بعده ، أي : بعد هذا الحال يكفرون ، أي : يجحدون ما تقدم [ إليهم ] من النعم ، كما قال : ( أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون إنا لمغرمون بل نحن محرومون ) [ الواقعة : 63 - 67 ] .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا هشيم ، عن يعلى بن عطاء ، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو ، قال : الرياح ثمانية ، أربعة منها رحمة ، وأربعة عذاب ، فأما الرحمة فالناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات . وأما العذاب فالعقيم والصرصر ، وهما في البر ، والعاصف والقاصف ، وهما في البحر [ فإذا شاء سبحانه وتعالى حركه بحركة الرحمة فجعله رخاء ورحمة وبشرى بين يدي رحمته ، ولاقحا للسحاب تلقحه بحمله الماء ، كما يلقح الذكر الأنثى بالحمل ، وإن شاء حركه بحركة العذاب فجعله عقيما ، وأودعه عذابا أليما ، وجعله نقمة على من يشاء من عباده ، فيجعله صرصرا وعاتيا ومفسدا لما يمر عليه ، والرياح مختلفة في مهابها : صبا ودبور ، وجنوب ، وشمال ، وفي منفعتها وتأثيرها أعظم اختلاف ، فريح لينة رطبة تغذي النبات وأبدان الحيوان ، وأخرى تجففه ، وأخرى تهلكه وتعطبه ، وأخرى تسيره وتصلبه ، وأخرى توهنه وتضعفه ] .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، حدثنا عمي ، حدثنا عبد الله بن عياش ، حدثني عبد الله بن سليمان ، عن دراج ، عن عيسى بن هلال الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الريح مسخرة من الثانية - يعني الأرض الثانية - فلما أراد الله أن يهلك عادا ، أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عادا ، فقال : يا رب ، أرسل عليهم من الريح قدر منخر الثور . قال له الجبار تبارك وتعالى : لا إذا تكفأ الأرض وما عليها ، ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم " ، فهي التي قال الله في كتابه : ( ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ) [ الذرايات : 42 ] . هذا حديث غريب ، ورفعه منكر . والأظهر أنه من كلام عبد الله بن عمرو ، رضي الله عنه .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features