يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (13)

ومن ذلك أيضا، إيلاجه تعالى الليل بالنهار والنهار بالليل، يدخل هذا على هذا، وهذا على هذا، كلما أتى أحدهما ذهب الآخر، ويزيد أحدهما وينقص الآخر، ويتساويان، فيقوم بذلك ما يقوم من مصالح العباد في أبدانهم وحيواناتهم وأشجارهم وزروعهم.
وكذلك ما جعل اللّه في تسخير الشمس والقمر، الضياء والنور، والحركة والسكون، وانتشار العباد في طلب فضله، وما فيهما من تنضيج الثمار وتجفيف ما يجفف وغير ذلك مما هو من الضروريات، التي لو فقدت لَلَحِقَ الناس الضرر.
وقوله: { كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى } أي: كل من الشمس والقمر، يسيران في فلكهما ما شاء اللّه أن يسيرا، فإذا جاء الأجل، وقرب انقضاء الدنيا، انقطع سيرهما، وتعطل سلطانهما، وخسف القمر، وكورت الشمس، وانتثرت النجوم.
فلما بين تعالى ما بيَّن من هذه المخلوقات العظيمة، وما فيها من العبر الدالة على كماله وإحسانه، قال: { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ } أي: الذي انفرد بخلق هذه المذكورات وتسخيرها، هو الرب المألوه المعبود، الذي له الملك كله.
{ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ } من الأوثان والأصنام { مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ } أي: لا يملكون شيئا، لا قليلا ولا كثيرا، حتى ولا القطمير الذي هو أحقر الأشياء، وهذا من تنصيص النفي وعمومه، فكيف يُدْعَوْنَ، وهم غير مالكين لشيء من ملك السماوات والأرض؟
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (13)

وهذا أيضا من قدرته التامة وسلطانه العظيم ، في تسخيره الليل بظلامه والنهار بضيائه ، ويأخذ من طول هذا فيزيده في قصر هذا فيعتدلان . ثم يأخذ من هذا في هذا ، فيطول هذا ويقصر هذا ، ثم يتقارضان صيفا وشتاء ، ( وسخر الشمس والقمر ) أي : والنجوم السيارات ، والثوابت الثاقبات بأضوائهن أجرام السماوات ، الجميع يسيرون بمقدار معين ، وعلى منهاج مقنن محرر ، تقديرا من عزيز عليم .
( كل يجري لأجل مسمى ) أي : إلى يوم القيامة .
( ذلكم الله ربكم ) أي : الذي فعل هذا هو الرب العظيم ، الذي لا إله غيره ، ( والذين تدعون من دونه ) أي : من الأنداد والأصنام التي هي على صورة من تزعمون من الملائكة المقربين ، ( ما يملكون من قطمير ) .
قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطاء وعطية العوفي ، والحسن ، وقتادة وغيرهم : القطمير : هو اللفافة التي تكون على نواة التمرة ، أي : لا يملكون من السماوات والأرض شيئا ، ولا بمقدار هذا القطمير .
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (13)

قوله تعالى : يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير .
قوله تعالى : يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل تقدم في ( آل عمران ) وغيرها . وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى تقدم في ( لقمان ) بيانه . ذلكم الله ربكم له الملك أي هذا الذي من صنعه ما تقرر هو الخالق المدبر ، والقادر المقتدر ; فهو الذي يعبد . والذين تدعون من دونه يعني الأصنام . ما يملكون من قطمير أي لا يقدرون عليه ولا على خلقه . والقطمير القشرة الرقيقة البيضاء التي بين التمرة والنواة ; قاله أكثر المفسرين . وقال ابن عباس : هو شق النواة ; وهو اختيار المبرد ، وقاله قتادة . وعن قتادة أيضا : القطمير القمع الذي على رأس النواة . الجوهري : ويقال : هي النكتة البيضاء التي في ظهر النواة ، تنبت منها النخلة .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features