وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58)

قوله تعالى : والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين
أفرد ذكر المهاجرين الذين ماتوا وقتلوا تفضيلا لهم وتشريفا على سائر الموتى .
وسبب نزول هذه الآية أنه لما مات بالمدينة عثمان بن مظعون ، وأبو سلمة بن عبد الأسد قال بعض الناس : من قتل في سبيل الله أفضل ممن مات حتف أنفه ؛ فنزلت هذه الآية مسوية بينهم ، وأن الله يرزق جميعهم رزقا حسنا . وظاهر الشريعة يدل على أن المقتول أفضل . وقد قال بعض أهل العلم : إن المقتول في سبيل الله والميت في سبيل الله شهيد ؛ ولكن للمقتول مزية ما أصابه في ذات الله . وقال بعضهم : هما سواء ، واحتج بالآية ، وبقوله تعالى : ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ، وبحديث أم حرام ؛ فإنها صرعت عن دابتها فماتت ولم تقتل فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنت من الأولين ، وبقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبد الله بن عتيك : من خرج من بيته مهاجرا في سبيل الله فخر عن دابته فمات ، أو لدغته حية فمات ، أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله ، ومن مات قعصا فقد استوجب المآب . وذكر ابن المبارك ، عن فضالة بن عبيد في حديث ذكر فيه رجلين أحدهما أصيب في غزاة بمنجنيق فمات ، والآخر مات هناك ؛ فجلس فضالة عند الميت ، فقيل له : تركت الشهيد ولم تجلس عنده ؟ فقال : ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت ؛ ثم تلا قوله تعالى : والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا الآية كلها . وقال سليمان بن عامر : كان فضالة برودس أميرا على الأرباع فخرج بجنازتي رجلين أحدهما قتيل والآخر متوفى ؛ فرأى ميل الناس مع جنازة القتيل إلى حفرته ؛ فقال : أراكم أيها الناس تميلون مع القتيل ! فوالذي نفسي بيده ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت ، اقرءوا قوله تعالى : والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا . كذا ذكره الثعلبي في تفسيره ، وهو معنى ما ذكره ابن المبارك . واحتج من قال : إن للمقتول زيادة فضل بما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل : أي الجهاد أفضل ؟ قال : من أهريق دمه وعقر جواده . وإذا كان من أهريق دمه وعقر جواده أفضل الشهداء علم أنه من لم يكن بتلك الصفة مفضول . قرأ ابن عامر ، وأهل الشام ( قتلوا ) بالتشديد على التكثير . الباقون بالتخفيف .
وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58)

يخبر تعالى عمن خرج مهاجرا في سبيل الله ابتغاء مرضاته ، وطلبا لما عنده ، وترك الأوطان والأهلين والخلان ، وفارق بلاده في الله ورسوله ، ونصرة لدين الله ) ثم قتلوا ) أي : في الجهاد ) أو ماتوا ) أي : حتف أنفهم ، أي : من غير قتال على فرشهم ، فقد حصلوا على الأجر الجزيل ، والثناء الجميل ، كما قال تعالى ( ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ) [ النساء : 100 ] .
وقوله : ( ليرزقنهم الله رزقا حسنا ) أي : ليجرين عليهم من فضله ورزقه من الجنة ما تقر به أعينهم ، ( وإن الله لهو خير الرازقين)
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features