وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)

وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا أي تيقنوا أنها من عند الله وأنها ليست سحرا ، ولكنهم كفروا بها وتكبروا أن يؤمنوا بموسى . وهذا يدل على أنهم كانوا معاندين . و ( ظلما و علوا ) منصوبان على نعت مصدر محذوف ، أي وجحدوا بها جحودا ظلما وعلوا . والباء زائدة أي وجحدوها ; قاله أبو عبيدة . فانظر يا محمد كيف كان عاقبة المفسدين أي آخر أمر الكافرين الطاغين ، انظر ذلك بعين قلبك وتدبر فيه . الخطاب له والمراد غيره .
وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)

( وجحدوا بها ) أي : في ظاهر أمرهم ، ( واستيقنتها أنفسهم ) أي : علموا في أنفسهم أنها حق من عند الله ، ولكن جحدوها وعاندوها وكابروها ، ( ظلما وعلوا ) أي : ظلما من أنفسهم ، سجية ملعونة ، ( وعلوا ) أي : استكبارا عن اتباع الحق ; ولهذا قال : ( فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ) أي : انظر يا محمد كيف كان عاقبة كفرهم ، في إهلاك الله إياهم ، وإغراقهم عن آخرهم في صبيحة واحدة .
وفحوى الخطاب يقول : احذروا أيها المكذبون بمحمد ، الجاحدون لما جاء به من ربه ، أن يصيبكم ما أصابهم بطريق الأولى والأحرى ; فإن محمدا ، صلوات الله وسلامه عليه أشرف وأعظم من موسى ، وبرهانه أدل وأقوى من برهان موسى ، بما آتاه الله من الدلائل المقترنة بوجوده في نفسه وشمائله ، وما سبقه من البشارات من الأنبياء به ، وأخذ المواثيق له ، عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام .
وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)
وقوله: (وَجَحَدُوا بِهَا ) يقول: وكذبوا بالآيات التسع أن تكون من عند الله.
كما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج: (وَجَحَدُوا بِهَا ) قال: الجحود: التكذيب بها. وقوله: (وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ) يقول: وأيقنتها قلوبهم, وعلموا يقينا أنها من عند الله, فعاندوا بعد تبينهم الحق, ومعرفتهم به.
كما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس: (وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ) قال: يقينهم في قلوبهم.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قول الله: (وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ) قال: استيقنوا أن الآيات من الله حق, فلم جحدوا بها؟ قال: ظلما وعلوّا.
وقوله: (ظُلْمًا وَعُلُوًّا ) يعني بالظلم: الاعتداء, والعلو: الكبر, كأنه قيل: اعتداء وتكبرا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, في قوله: (ظُلْمًا وَعُلُوًّا ) قال: تعظما واستكبارا, ومعنى ذلك: وجحدوا بالآيات التسع ظلما وعلوّا, واستيقنتها أنفسهم أنها من عند الله, فعاندوا الحقّ بعد وضوحه لهم, فهو من المؤخر الذي معناه التقديم.
وقوله: (فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ).
ويقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فانظر يا محمد بعين قلبك كيف كان عاقبة تكذيب هؤلاء الذين جحدوا آياتنا حين جاءتهم مبصرة, وماذا حل بهم من إفسادهم في الأرض ومعصيتهم فيها ربهم, وأعقبهم ما فعلوا, فإن ذلك أخرجهم من جنات وعيون, وزروع ومقام كريم, إلى هلاك في العاجل بالغرق, وفي الآجل إلى عذاب دائم لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون. يقول: وكذلك يا محمد سنتي في الذين كذّبوا بما جئتهم به من الآيات على حقيقة ما تدعوهم إليه من الحق من قومك.
وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)

وَجَحَدُوا بِهَا أي: كفروا بآيات الله جاحدين لها، وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ أي: ليس جحدهم مستندا إلى الشك والريب، وإنما جحدهم مع علمهم ويقينهم بصحتها ظُلْمًا منهم لحق ربهم ولأنفسهم، وَعُلُوًّا على الحق وعلى العباد وعلى الانقياد للرسل، فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ أسوأ عاقبة دمرهم الله وغرقهم في البحر وأخزاهم وأورث مساكنهم المستضعفين من عباده.
وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)

( وجحدوا بها ) أي : أنكروا الآيات ولم يقروا أنها من عند الله ) ( واستيقنتها أنفسهم ) أي : علموا أنها من عند الله ، قوله : ( ظلما وعلوا ) أي : شركا وتكبرا عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى ( فانظر كيف كان عاقبة المفسدين )
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features