قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (22)

بين تعالى أنه الإله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لا نظير له ولا شريك له ، بل هو المستقل بالأمر وحده ، من غير مشارك ولا منازع ولا معارض ، فقال : ( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله ) أي : من الآلهة التي عبدت من دونه ( لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ) ، كما قال تبارك وتعالى : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ) [ فاطر : 13 ] .
وقوله : ( وما لهم فيهما من شرك ) أي : لا يملكون شيئا استقلالا ولا على سبيل الشركة ، ( وما له منهم من ظهير ) أي : وليس لله من هذه الأنداد من ظهير يستظهر به في الأمور ، بل الخلق كلهم فقراء إليه ، عبيد لديه .
قال قتادة في قوله : ( وما له منهم من ظهير ) ، من عون يعينه بشيء .
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (22)

القول في تأويل قوله تعالى : قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22)
يقول تعالى ذكره: فهذا فعلُنا بولينا ومن أطاعنا، داود وسليمان الذي فعلنا بهما من إنعامنا عليهما النعم التي لا كفاء لها إذ شكرانا، وذاك فعلنا بسبأ الذين فعلنا بهم، إذ بطروا نعمتنا وكذبوا رسلنا وكفروا أيادينا، فقل يا محمد لهؤلاء المشركين بربهم من قومك الجاحدين نعمنا عندهم: ادعوا أيها القوم الذين زعمتم أنهم لله شريك من دونه، فسلوهم أن يفعلوا بكم بعض أفعالنا بالذين وصفنا أمرهم من إنعام أو إياس، فإن لم يقدروا على ذلك فاعلموا أنكم مبطلون؛ لأن الشركة في الربوبية لا تصلح ولا تجوز، ثم وصف الذين يدعون من دون الله فقال: إنهم لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض من خير ولا شر ولا ضر ولا نفع، فكيف يكون إلهًا من كان كذلك.
وقوله (وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ) يقول تعالى ذكره: ولا هم إذ لم يكونوا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض منفردين بملكه من دون الله يملكونه على وجه الشركة، لأن الأملاك في المملوكات لا تكون لمالكها إلا على أحد وجهين: إما مقسومًا، وإما مشاعًا، يقول: وآلهتهم التي يدعون من دون الله لا يملكون وزن ذرة في السماوات ولا في الأرض، لا مشاعًا ولا مقسومًا، فكيف يكون من كان هكذا شريكًا لمن له ملك جميع ذلك.
وقوله (وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ) يقول: وما لله من الآلهة التي يدعون من دونه معين على خلق شيء من ذلك، ولا على حفظه، إذ لم يكن لها ملك شيء منه مشاعًا ولا مقسومًا، فيقال: هو لك شريك من أجل أنه أعان وإن لم يكن له ملك شيء منه.
وبنحو الذي قلنا فى ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ ) يقول: ما لله من شريك في السماء ولا في الأرض (وَمَا لَهُ مِنْهُمْ) من الذين يدعون من دون الله (مِنْ ظَهِيرٍ) من عون بشيء.
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (22)

أي: { قُلْ } يا أيها الرسول, للمشركين باللّه غيره من المخلوقات, التي لا تنفع ولا تضر, ملزما لهم بعجزها, ومبينا لهم بطلان عبادتها: { ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ } أي: زعمتموهم شركاء للّه, إن كان دعاؤكم ينفع، فإنهم قد توفرت فيهم أسباب العجز, وعدم إجابة الدعاء من كل وجه، فإنهم ليس لهم أدنى ملك فـ { لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ } على وجه الاستقلال, ولا على وجه الاشتراك, ولهذا قال: { وَمَا لَهُمْ } أي: لتلك الآلهة الذين زعمتم { فِيهِمَا } أي: في السماوات والأرض، { مِنْ شِرْكٍ } أي: لا شرك قليل ولا كثير, فليس لهم ملك, ولا شركة ملك.
بقي أن يقال: ومع ذلك, فقد يكونون أعوانا للمالك, ووزراء له, فدعاؤهم يكون نافعا, لأنهم - بسبب حاجة الملك إليهم - يقضون حوائج من تعلق بهم، فنفى تعالى هذه المرتبة فقال: { وَمَا لَهُ } أي: للّه تعالى الواحد القهار { مِنْهُمْ } أي: من هؤلاء المعبودين { مِنْ ظَهِيرٍ } أي: معاون ووزير يساعده على الملك والتدبير.
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (22)

قوله تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير .
قوله تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله أي هذا الذي مضى ذكره من أمر داود وسليمان وقصة سبأ من آثار قدرتي ، فقل يا محمد لهؤلاء المشركين هل عند شركائكم قدرة على شيء من ذلك . وهذا خطاب توبيخ ، وفيه إضمار : أي ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهة لكم من دون الله لتنفعكم أو لتدفع عنكم ما قضاه الله تبارك وتعالى عليكم ، فإنهم لا يملكون ذلك ، لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير أي ما لله من هؤلاء من معين على خلق شيء ، بل الله المنفرد بالإيجاد ; فهو الذي يعبد ، وعبادة غيره محال .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features