اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4)

يخبر تعالى أنه الخالق للأشياء ، فخلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش . وقد تقدم الكلام على ذلك .
( ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع ) أي : بل هو المالك لأزمة الأمور ، الخالق لكل شيء ، المدبر لكل شيء ، القادر على كل شيء ، فلا ولي لخلقه سواه ، ولا شفيع إلا من بعد إذنه .
( أفلا تتذكرون ) يعني : أيها العابدون غيره ، المتوكلون على من عداه - تعالى وتقدس وتنزه أن يكون له نظير أو شريك أو نديد ، أو وزير أو عديل ، لا إله إلا هو ولا رب سواه .
وقد أورد النسائي هاهنا حديثا فقال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب ، حدثني محمد بن الصباح ، حدثنا أبو عبيدة الحداد ، حدثنا الأخضر بن عجلان ، عن أبي جريج المكي ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي فقال : " إن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش في اليوم السابع ، فخلق التربة يوم السبت ، والجبال يوم الأحد ، والشجر يوم الاثنين ، والمكروه يوم الثلاثاء ، والنور يوم الأربعاء ، والدواب يوم الخميس ، وآدم يوم الجمعة في آخر ساعة من النهار بعد العصر ، وخلقه من أديم الأرض ، بأحمرها وأسودها ، وطيبها وخبيثها ، من أجل ذلك جعل الله من بني آدم الطيب والخبيث " .
هكذا أورد هذا الحديث إسنادا ومتنا ، وقد أخرج مسلم والنسائي أيضا من حديث الحجاج بن محمد الأعور ، عن ابن جريج ، عن إسماعيل بن أمية ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو من هذا السياق .
وقد علله البخاري في كتاب " التاريخ الكبير " فقال : " وقال بعضهم : أبو هريرة عن كعب الأحبار وهو أصح " ، وكذا علله غير واحد من الحفاظ ، والله أعلم .
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4)

القول في تأويل قوله تعالى : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (4)
يقول تعالى ذكره: المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له أيها الناس ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا ) من خلق (فِي سِتَّةِ أيَّام) ثم استوى على عرشه في اليوم السابع بعد خلقه السموات والأرض وما بينهما.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) في اليوم السابع. يقول: ما لكم أيها الناس إله إلا من فعل هذا الفعل، وخلقَ هذا الخَلْق العجيب في ستة أيام.
وقوله: (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ) يقول: ما لكم أيها الناس دونه وليّ يلي أمركم وينصركم منه إن أراد بكم ضرّا، ولا شفيع يشفع لكم عنده إن هو عاقبكم على معصيتكم إياه، يقول: فإياه فاتخذوا وليا، وبه وبطاعته فاستعينوا على أموركم؛ فإنه يمنعكم إذا أراد منعكم ممن أرادكم بسوء، ولا يقدر أحد على دفعه عما أراد بكم هو؛ لأنه لا يقهره قاهر، ولا يغلبه غالب (أفَلا تَتَذَكَّرُونَ) يقول تعالى ذكره: أفلا تعتبرون وتتفكَّرون أيها الناس، فتعلموا أنه ليس لكم دونه وليّ ولا شفيع، فتفردوا له الألوهة، وتخلصوا له العبادة، وتخلعوا ما دونه من الأنداد والآلهة.
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4)

قوله تعالى : الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون .
قوله تعالى : الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام عرفهم كمال قدرته ليسمعوا القرآن ويتأملوه . ومعنى : خلق أبدع وأوجد بعد العدم وبعد أن لم تكن شيئا . في ستة أيام من يوم الأحد إلى آخر يوم الجمعة . قال الحسن : من أيام الدنيا . وقال ابن عباس : إن اليوم من الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض مقداره ألف سنة من سني الدنيا . وقال الضحاك : في ستة آلاف سنة ; أي في مدة ستة أيام من أيام الآخرة . ثم استوى على العرش تقدم في الأعراف والبقرة وغيرهما ، وذكرنا ما للعلماء في ذلك مستوفى في ( الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى ) . وليست ثم للترتيب ؛ وإنما هي بمعنى الواو . ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أي ما للكافرين من ولي يمنع من عذابهم ولا شفيع . ويجوز الرفع على الموضع . أفلا تتذكرون في قدرته ومخلوقاته .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features