سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)

ثم قال : ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) أي : سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقا منزلا من عند الله ، عز وجل ، على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بدلائل خارجية ( في الآفاق ) ، من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان .
قال مجاهد ، والحسن ، والسدي : ودلائل في أنفسهم ، قالوا : وقعة بدر ، وفتح مكة ، ونحو ذلك من الوقائع التي حلت بهم ، نصر الله فيها محمدا وصحبه ، وخذل فيها الباطل وحزبه .
ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة ، كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى . وكذلك ما هو مجبول عليه من الأخلاق المتباينة ، من حسن وقبيح وبين ذلك ، وما هو متصرف فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله ، وقوته ، وحيله ، وحذره أن يجوزها ، ولا يتعداها ، كما أنشده ابن أبي الدنيا في كتابه " التفكر والاعتبار " ، عن شيخه أبي جعفر القرشي :
وإذا نظرت تريد معتبرا فانظر إليك ففيك معتبر أنت الذي يمسي ويصبح في
الدنيا وكل أموره عبر أنت المصرف كان في صغر
ثم استقل بشخصك الكبر أنت الذي تنعاه خلقته
ينعاه منه الشعر والبشر أنت الذي تعطى وتسلب لا
ينجيه من أن يسلب الحذر أنت الذي لا شيء منه له
وأحق منه بماله القدر
وقوله تعالى : ( حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ) ؟ أي : كفى بالله شهيدا على أفعال عباده وأقوالهم ، وهو يشهد أن محمدا صادق فيما أخبر به عنه ، كما قال : ( لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ) [ النساء : 166 ] .
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)

فإن قلتم، أو شككتم بصحته وحقيقته، فسيقيم اللّه لكم، ويريكم من آياته في الآفاق كالآيات التي في السماء وفي الأرض، وما يحدثه اللّه تعالى من الحوادث العظيمة، الدالة للمستبصر على الحق.
{ وَفِي أَنْفُسِهِمْ } مما اشتملت عليه أبدانهم، من بديع آيات اللّه وعجائب صنعته، وباهر قدرته، وفي حلول العقوبات والمثلات في المكذبين، ونصر المؤمنين. { حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ } من تلك الآيات، بيانًا لا يقبل الشك { أَنَّهُ الْحَقُّ } وما اشتمل عليه حق.
وقد فعل تعالى، فإنه أرى عباده من الآيات، ما به تبين لهم أنه الحق، ولكن اللّه هو الموفق للإيمان من شاء، والخاذل لمن يشاء.
{ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } أي: أولم يكفهم على أن القرآن حق، ومن جاء به صادق، بشهادة اللّه تعالى، فإنه قد شهد له بالتصديق، وهو أصدق الشاهدين، وأيده، ونصره نصرًا متضمنًا لشهادته القولية، عند من شك فيها.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features