وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ۖ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)

أي : أمرت ابنتها - وكانت كبيرة تعي ما يقال لها - فقالت لها : ( قصيه ) أي : اتبعي أثره ، وخذي خبره ، وتطلبي شأنه من نواحي البلد . فخرجت لذلك ، ( فبصرت به عن جنب ) ، قال ابن عباس : عن جانب .
وقال مجاهد : ( فبصرت به عن جنب ) : عن بعيد .
وقال قتادة : جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده .
وذلك أنه لما استقر موسى ، عليه السلام ، بدار فرعون ، وأحبته امرأة الملك ، واستطلقته منه ، عرضوا عليه المراضع التي في دارهم ، فلم يقبل منها ثديا ، وأبى أن يقبل شيئا من ذلك . فخرجوا به إلى سوق لعلهم يجدون امرأة تصلح لرضاعته ، فلما رأته بأيديهم عرفته ، ولم تظهر ذلك ولم يشعروا بها .
وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ۖ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)

قوله تعالى : وقالت لأخته قصيه أي قالت أم موسى لأخت موسى : اتبعي أثره حتى تعلمي خبره . واسمها مريم بنت عمران ; وافق اسمها اسم مريم أم عيسى عليه السلام ; ذكره السهيلي والثعلبي وذكر الماوردي عن الضحاك : أن اسمها كلثمة وقال السهيلي : كلثوم ; جاء ذلك في حديث رواه الزبير بن بكار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة : أشعرت أن الله زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وآسية امرأة فرعون فقالت : الله أخبرك بهذا ؟ فقال : نعم ، فقالت : بالرفاء والبنين فبصرت به عن جنب أي بعد ; قال مجاهد ومنه الأجنبي .
قال الشاعر :
فلا تحرمني نائلا عن جنابة فإني امرؤ وسط القباب غريب
وأصله : عن مكان جنب . وقال ابن عباس : عن جنب ، أي عن جانب ، وقرأ النعمان بن سالم : ( عن جانب ) أي عن ناحية . وقيل : عن شوق ; وحكى أبو عمرو بن العلاء أنها لغة لجذام ; يقولون : جنبت إليك ، أي : اشتقت . وقيل : عن جنب ، أي عن مجانبة لها منه فلم يعرفوا أنها أمه بسبيل . وقالقتادة : جعلت تنظر إليه بناحية كأنها لا تريده ، وكان يقرأ : ( عن جنب ) بفتح الجيم وإسكان النون وهم لا يشعرون أنها أخته لأنها كانت تمشي على ساحل البحر حتى رأتهم قد أخذوه .
وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ۖ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)

{ وَقَالَتِ } أم موسى { لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ } أي: اذهبي [فقصي الأثر عن أخيك وابحثي عنه من غير أن يحس بك أحد أو يشعروا بمقصودك فذهبت تقصه] { فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } أي: أبصرته على وجه، كأنها مارة لا قصد لها فيه.
وهذا من تمام الحزم والحذر، فإنها لو أبصرته، وجاءت إليهم قاصدة، لظنوا بها أنها هي التي ألقته، فربما عزموا على ذبحه، عقوبة لأهله.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features