فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)

قال الله تعالى : ( فقد كذبوكم بما تقولون ) أي : فقد كذبكم الذين عبدتم فيما زعمتم أنهم لكم أولياء ، وأنكم اتخذتموهم قربانا يقربونكم إليه زلفى ، كما قال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) [ الأحقاف : 5 - 6 ] .
وقوله : ( فما يستطيعون صرفا ولا نصرا ) أي : لا يقدرون على صرف العذاب عنهم ولا الانتصار لأنفسهم ، ( ومن يظلم منكم ) أي : يشرك بالله ، ( نذقه عذابا كبيرا ) .
فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)

قوله تعالى : فقد كذبوكم بما تقولون أي يقول الله تعالى عند تبري المعبودين : فقد كذبوكم بما تقولون أي في قولكم إنهم آلهة . فما يستطيعون يعني الآلهة ، صرف العذاب عنكم ولا نصركم . وقيل : فما يستطيع هؤلاء الكفار لما كذبهم المعبودون صرفا للعذاب ولا نصرا من الله . وقال ابن زيد : المعنى فقد كذبكم أيها المؤمنون هؤلاء الكفار بما جاء به محمد ; وعلى هذا فمعنى بما تقولون بما تقولون من الحق . وقال أبو عبيد : المعنى ; فيما تقولون فما يستطيعون لكم صرفا عن الحق الذي هداكم الله إليه ، ولا نصرا لأنفسهم مما ينزل بهم من العذاب بتكذيبهم إياكم . وقراءة العامة بما تقولون بالتاء على الخطاب . وقد بينا معناه . وحكى الفراء أنه يقرأ فقد كذبوكم مخففا ، بما يقولون . وكذا قرأ مجاهد والبزي بالياء ، ويكون معنى يقولون : بقولهم . وقرأ أبو حيوة : بما يقولون بياء فما تستطيعون بتاء على الخطاب لمتخذي الشركاء . ومن قرأ بالياء فالمعنى : فما يستطيع الشركاء . ومن يظلم منكم قال ابن عباس : من يشرك منكم ثم مات عليه . نذقه أي في الآخرة . عذابا كبيرا أي شديدا ، كقوله تعالى : ولتعلن علوا كبيرا أي شديدا .
فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)

( فقد كذبوكم ) هذا خطاب مع المشركين ، أي : كذبكم المعبودون ، ( بما تقولون ) إنهم آلهة ، ( فما تستطيعون ) قرأ حفص بالتاء يعني العابدين ، وقرأ الآخرون بالياء يعني : الآلهة . ( صرفا ) يعني : صرفا من العذاب عن أنفسهم ، ( ولا نصرا ) يعني : ولا نصر أنفسهم . وقيل : ولا نصركم أيها العابدون من عذاب الله بدفع العذاب عنكم . وقيل : " الصرف " : الحيلة ، ومنه قول العرب : إنه ليصرف ، أي : يحتال ، ) ( ومن يظلم ) يشرك ، ( منكم نذقه عذابا كبيرا )
فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به: ( وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ ) أيها المؤمنون- يعني بقوله: ( وَمَنْ يَظْلِمْ ) ومن يشرك بالله فيظلم نفسه، فذلك نذقه عذابا كبيرا كالذي ذكرنا أنَّا نذيقه الذين كذّبوا بالساعة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم, قال: ثني الحسين, قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جُرَيج, في قوله: ( وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ ) قال: يشرك ( نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ).
حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن الحسن, في قوله: ( وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ ) قال: هو الشرك:
فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)

فلما تبرؤوا منهم قال الله توبيخا وتقريعا للعابدين { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ } إنهم أمروكم بعبادتهم ورضوا فعلكم، وأنهم شفعاء لكم عند ربكم، كذبوكم في ذلك الزعم وصاروا من أكبر أعدائكم فحق عليكم العذاب، { فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا } للعذاب عنكم بفعلكم أو بفداء أو غير ذلك، { وَلَا نَصْرًا } لعجزكم وعدم ناصركم. هذا حكم الضالين المقلدين الجاهلين كما رأيت أسوأ حكم، وأشر مصير.
وأما المعاند منهم الذي عرف الحق وصدف عنه فقال في حقه: { وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ } بترك الحق ظلما وعنادا { نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا } لا يقادر قدره ولا يبلغ أمره.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features