وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)

ورواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما ، وقال الحاكم : صحيح الإسناد .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثني أبو مليح المدني - شيخ من أهل المدينة - سمعه عن أبي صالح ، وقال مرة : سمعت أبا صالح يحدث عن أبي هريرة [ رضي الله عنه ] قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من لم يدع الله ، عز وجل ، غضب عليه " .
تفرد به أحمد ، وهذا إسناد لا بأس به .
وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا مروان الفزاري ، حدثنا صبيح أبو المليح : سمعت أبا صالح يحدث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من لا يسأله يغضب عليه " .
قال ابن معين : أبو المليح هذا اسمه : صبيح . كذا قيده بالضم عبد الغني بن سعيد . وأما أبو صالح هذا فهو الخوزي ، سكن شعب الخوز . قاله البزار في مسنده . وكذا وقع في روايته أبو المليح الفارسي ، عن أبي صالح الخوزي ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من لا يسأل الله يغضب عليه " .
وقال الحافظ أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي : حدثنا همام ، حدثنا إبراهيم بن الحسن ، حدثنا نائل بن نجيح ، حدثني عائذ بن حبيب ، عن محمد بن سعيد قال : لما مات محمد بن مسلمة الأنصاري ، وجدنا في ذؤابة سيفه كتابا : " بسم الله الرحمن الرحيم ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن لربكم في بقية دهركم نفحات ، فتعرضوا له ، لعل دعوة أن توافق رحمة فيسعد بها صاحبها سعادة لا يخسر بعدها أبدا " .
وقوله : ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي ) أي : عن دعائي وتوحيدي ، ( سيدخلون جهنم داخرين ) أي : صاغرين حقيرين ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن عجلان ، حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر ، في صور الناس ، يعلوهم كل شيء من الصغار حتى يدخلوا سجنا في جهنم - يقال له : بولس - تعلوهم نار الأنيار ، يسقون من طينة الخبال عصارة أهل النار " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أبو بكر بن محمد بن يزيد بن خنيس : سمعت أبي يحدث عن وهيب بن الورد : حدثني رجل قال : كنت أسير ذات يوم في أرض الروم ، فسمعت هاتفا من فوق رأس جبل وهو يقول : يا رب ، عجبت لمن عرفك كيف يرجو أحدا غيرك ! يا رب ، عجبت لمن عرفك كيف يطلب حوائجه إلى أحد غيرك - قال : ثم ذهبت ، ثم جاءت الطامة الكبرى - قال : ثم عاد الثانية فقال : يا رب ، عجبت لمن عرفك كيف يتعرض لشيء من سخطك يرضي غيرك . قال وهيب : وهذه الطامة الكبرى . قال : فناديته : أجني أنت أم إنسي ؟ قال : بل إنسي ، اشغل نفسك بما يعنيك عما لا يعنيك .
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)

( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) أي : اعبدوني دون غيري أجبكم وأثبكم وأغفر لكم ، فلما عبر عن العبادة بالدعاء جعل الإنابة استجابة .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن سمعان ، حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان عن منصور عن أبي ذر عن يسيع الكندي عن النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر : " إن الدعاء هو العبادة " ثم قرأ : " ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " .
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن علي الدورقي ، حدثنا أبو الحسن علي بن يوسف الشيرازي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى القرشي ببغداد ، حدثنا محمد بن عبيد بن العلاء ، حدثنا أحمد بن بديل ، حدثنا وكيع ، حدثنا أبو المليح قال : سمعت أبا صالح يذكر عن أبي هريرة قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من لم يدع الله غضب الله عليه " .
وقيل : الدعاء هو الذكر والسؤال ، ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) قرأ ابن كثير وأبو جعفر وأبو بكر : " سيدخلون " بضم الياء وفتح الخاء ، وقرأ الآخرون بفتح الياء وضم الخاء ، " داخرين " صاغرين ذليلين .
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)

قوله تعالى : وقال ربكم ادعوني أستجب لكم الآية . روى النعمان بن بشير قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : الدعاء هو العبادة ثم قرأ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح . فدل هذا على أن الدعاء هو العبادة . وكذا قال أكثر المفسرين وأن المعنى : وحدوني واعبدوني أتقبل عبادتكم وأغفر لكم . وقيل : هو الذكر والدعاء والسؤال . قال أنس : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع ويقال الدعاء : هو ترك الذنوب . وحكى قتادة أن كعب الأحبار قال : أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم تعطهن أمة قبلهم إلا نبي : كان إذا أرسل نبي قيل له : أنت شاهد على أمتك ، وقال تعالى لهذه الأمة : لتكونوا شهداء على الناس وكان يقال للنبي : ليس عليك في الدين من حرج ، وقال لهذه الأمة : وما جعل عليكم في الدين من حرج وكان يقال للنبي : ادعني أستجب لك ، وقال لهذه الأمة : ادعوني أستجب لكم .
قلت : مثل هذا لا يقال من جهة الرأي . وقد جاء مرفوعا ، رواه ليث عن شهر بن حوشب عن عبادة بن الصامت ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : أعطيت أمتي ثلاثا لم تعط إلا للأنبياء ، كان الله تعالى إذا بعث النبي قال : ادعني أستجب لك ، وقال لهذه الأمة : ادعوني أستجب لكم وكان الله إذا بعث النبي قال : ما جعل عليك في الدين من حرج ، وقال لهذه الأمة : وما جعل عليكم في الدين من حرج وكان الله إذا بعث النبي جعله شهيدا على قومه ، وجعل هذه الأمة شهداء على الناس ذكره الترمذي الحكيم في نوادر الأصول . وكان خالد الربعي يقول : عجيب لهذه الأمة ، قيل لها : ادعوني أستجب لكم أمرهم بالدعاء ووعدهم الاستجابة ، وليس بينهما شرط . قال له قائل : مثل ماذا ؟ قال : مثل قوله تعالى : وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهاهنا شرط ، وقوله : وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق فليس فيه شرط العمل ، ومثل قوله : فادعوا الله مخلصين له الدين فهاهنا شرط ، وقوله تعالى : ادعوني أستجب لكم ليس فيه شرط . وكانت الأمة تفزع إلى أنبيائها في حوائجها حتى تسأل الأنبياء لهم ذلك . وقد قيل : إن هذا من باب المطلق والمقيد على ما تقدم في [ البقرة ] بيانه . أي : أستجب لكم إن شئت ، كقوله : فيكشف ما تدعون إليه إن شاء . وقد تكون الاستجابة في غير عين المطلوب على حديث أبي سعيد الخدري على ما تقدم في [ البقرة ] بيانه فتأمله هناك . وقرأ ابن كثير وابن محيصن ورويس عن يعقوب وعياش عن أبي عمرو وأبو بكر والمفضل عن عاصم " سيدخلون " بضم الياء وفتح الخاء على ما لم يسم فاعله . الباقون " يدخلون " بفتح الياء وضم الخاء . ومعنى داخرين صاغرين أذلاء ، وقد تقدم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features