فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)

قوله : ( في بيوت أذن الله ) أي : ذلك المصباح في بيوت . وقيل : يوقد في بيوت ، والبيوت : هي المساجد ، قال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " المساجد بيوت الله في الأرض ، وهي تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض " .
وروى صالح بن حيان عن ابن بريدة في قوله تعالى " " في بيوت أذن الله " ، قال : إنما هي أربعة مساجد لم يبنها إلا نبي : الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل فجعلاها قبلة ، وبيت المقدس بناه داود وسليمان ، ومسجد المدينة بناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومسجد قباء أسس على التقوى بناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قوله : ( أن ترفع ) قال مجاهد : أن تبنى ، نظيره قوله تعالى : " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت " ( البقرة - 127 ) ، قال الحسن : أي تعظم أي لا يذكر فيه الخنا من القول . ( ويذكر فيها اسمه ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : يتلى فيها كتابه ، ( يسبح ) قرأ ابن عامر وأبو بكر " يسبح " بفتح الباء على غير تسمية الفاعل ، والوقف على هذه القراءة عند قوله " " والآصال " ، وقرأ الآخرون بكسر الباء ، جعلوا التسبيح فعلا للرجال ، ( يسبح له ) أي : يصلي ، ( له فيها بالغدو والآصال ) أي بالغداة والعشي . قال أهل التفسير : أراد به الصلوات المفروضات . فالتي تؤدى بالغداة صلاة الصبح ، والتي تؤدى بالآصال صلاة الظهر والعصر والعشاءين لأن اسم الأصيل يجمعهما . وقيل : أراد به صلاة الصبح والعصر .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري ، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن معقل الميداني ، حدثنا محمد بن يحيى ، أخبرنا عبد الله بن رجاء ، أخبرنا همام بن أبي حمزة ، أن أبا بكر بن عبد الله بن قيس حدثه عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من صلى البردين دخل الجنة " . وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : التسبيح بالغدو صلاة الضحى . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن السمعان ، أخبرنا أبو جعفر الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، أخبرنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا الهيثم بن حميد ، أخبرني يحيى بن الحارث ، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من مشى إلى صلاة مكتوبة وهو متطهر فأجره كأجر الحاج المحرم ، ومن مشى إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر ، وصلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين "
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)

أي: يتعبد لله { فِي بُيُوتٍ } عظيمة فاضلة، هي أحب البقاع إليه، وهي المساجد. { أَذِنَ اللَّهُ } أي: أمر ووصى { أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } هذان مجموع أحكام المساجد، فيدخل في رفعها، بناؤها، وكنسها، وتنظيفها من النجاسة والأذى، وصونها من المجانين والصبيان الذين لا يتحرزون عن النجاسة، وعن الكافر، وأن تصان عن اللغو فيها، ورفع الأصوات بغير ذكر الله.{ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } يدخل في ذلك الصلاة كلها، فرضها، ونفلها، وقراءة القرآن، والتسبيح، والتهليل، وغيره من أنواع الذكر، وتعلم العلم وتعليمه، والمذاكرة فيها، والاعتكاف، وغير ذلك من العبادات التي تفعل في المساجد، ولهذا كانت عمارة المساجد على قسمين: عمارة بنيان، وصيانة لها، وعمارة بذكر اسم الله، من الصلاة وغيرها، وهذا أشرف القسمين، ولهذا شرعت الصلوات الخمس والجمعة في المساجد، وجوبا عند أكثر العلماء، أو استحبابا عند آخرين. ثم مدح تعالى عمارها بالعبادة فقال: { يُسَبِّحُ لَهُ } إخلاصا { بِالْغُدُوِّ } أول النهار { وَالْآصَالِ } آخره خص هذين الوقتين لشرفهما ولتيسر السير فيهما إلى الله وسهولته. ويدخل في ذلك، التسبيح في الصلاة وغيرها، ولهذا شرعت أذكار الصباح والمساء وأورادهما عند الصباح والمساء.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features