وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)

قوله - عز وجل - : ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله ) أي : منعها ما كانت تعبد من دون الله ، وهو الشمس ، أن تعبد الله ، أي : صدها عبادة الشمس عن التوحيد وعبادة الله ، فعلى هذا التأويل يكون " ما " في محل الرفع .
وقيل : معناه صدها عن عبادة الله لا نقصان عقلها كما قالت الجن : إن في عقلها شيئا ، بل كانت تعبد من دون الله . وقيل : معناه وصدها سليمان ما كانت تعبد من دون الله ، أي : منعها ذلك وحال بينها وبينه ، فيكون محل " ما " نصبا . ( إنها كانت من قوم كافرين ) هذا استئناف ، أخبر الله تعالى أنها كانت من قوم يعبدون الشمس ، فنشأت بينهم ولم تعرف إلا عبادة الشمس .
وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)

قوله تعالى : وصدها ما كانت تعبد من دون الله الوقف على ( من دون الله ) حسن ; والمعنى : منعها من أن تعبد الله ما كانت تعبد من الشمس والقمر ف ( ما ) في موضع رفع . النحاس : المعنى : أي صدها عبادتها من دون الله وعبادتها إياها عن أن تعلم ما علمناه عن أن تسلم . ويجوز أن يكون ( ما ) في موضع نصب ، ويكون التقدير : وصدها سليمان عما كانت تعبد من دون الله ; أي حال بينها وبينه . ويجوز أن يكون المعنى : وصدها الله ; أي منعها الله عن عبادتها غيره فحذفت ( عن ) وتعدى الفعل . نظيره : واختار موسى قومه أي من قومه . وأنشد سيبويه [ للفرزدق ] :
ونبئت عبد الله بالجو أصبحت كراما مواليها لئيما صميمها
وزعم أن المعنى عنده : نبئت عن عبد الله . إنها كانت من قوم كافرين قرأ سعيد بن جبير : ( أنها ) بفتح الهمزة ، وهي في موضع نصب بمعنى ( لأنها ) ويجوز أن يكون بدلا من ( ما ) فيكون في موضع رفع إن كانت ( ما ) فاعلة الصد . والكسر على الاستئناف .
وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)

يقول تعالى ذكره: ومنع هذه المرأة صاحبة سبإ (مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) , وذلك عبادتها الشمس أن تعبد الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) قال: كفرها بقضاء الله، وعبادة الوثن (1) صدها أن تهتدي للحق.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) قال: كفرها بقضاء الله, صدها أن تهتدي للحق. ولو قيل: معنى ذلك: وصدّها سليمان ما كانت تعبد من دون الله, بمعنى: منعها وحال بينها وبينه, كان وجها حسنا. ولو قيل أيضا: وصدّها الله ذلك بتوفيقها للإسلام, كان أيضا وجها صحيحا.
وقوله: (إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ ) يقول: إن هذه المرأة كانت كافرة من قوم كافرين. وكسرت الألف من قوله " إنها " على الابتداء. ومن تأول قوله: (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) التأويل الذي تأولنا, كانت " ما " من قوله (مَا كَانَتْ تَعْبُدُ ) في موضع رفع بالصد, لأن المعنى فيه لم يصدها عن عبادة الله جهلها, وأنها لا تعقل, إنما صدها عن عبادة الله عبادتها الشمس والقمر, وكان ذلك من دين قومها وآبائها, فاتبعت فيه آثارهم. ومن تأوله على الوجهين الآخرين كانت " ما " في موضع نصب.
------------------------
الهوامش:
(1) لعل العبارة سقط منها كلمة، وهي "صدها" كما تدل الرواية الآتية بعد.
وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)

قال الله تعالى: وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي: عن الإسلام، وإلا فلها من الذكاء والفطنة ما به تعرف الحق من الباطل ولكن العقائد الباطلة تذهب بصيرة القلب إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ فاستمرت على دينهم، وانفراد الواحد عن أهل الدين والعادة المستمرة بأمر يراه بعقله من ضلالهم وخطئهم من أندر ما يكون فلهذا لا يستغرب بقاؤها على الكفر، ثم إن سليمان أراد أن ترى من سلطانه ما يبهر العقول فأمرها أن تدخل الصرح وهي المجلس المرتفع المتسع وكان مجلسا من قوارير تجري تحته الأنهار.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features