وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ (133)

قوله تعالى : ( وقالوا ) يعني المشركين ، ( لولا يأتينا بآية من ربه ) أي : الآية المقترحة فإنه كان قد أتاهم بآيات كثيرة ، ( أولم تأتهم بينة ) قرأ أهل المدينة والبصرة وحفص عن عاصم : " تأتهم " لتأنيث البينة ، وقرأ الآخرون بالياء لتقدم الفعل ، ولأن البينة هي البيان فرد إلى المعنى ، ( بينة ما في الصحف الأولى ) أي : بيان ما فيها ، وهو القرآن أقوى دلالة وأوضح آية .
وقيل : أولم يأتهم بيان ما في الصحف الأولى : التوراة ، والإنجيل ، وغيرهما من أنباء الأمم أنهم اقترحوا الآيات ، فلما أتتهم ولم يؤمنوا بها ، كيف عجلنا لهم العذاب والهلاك ، فما يؤمنهم إن أتتهم الآية أن يكون حالهم كحال أولئك .
وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ (133)

قول تعالى مخبرا عن الكفار في قولهم : ( لولا ) أي : هلا ( يأتينا ) محمد ( بآية من ربه ) أي : بعلامة دالة على صدقه في أنه رسول الله؟ قال الله تعالى : ( أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى ) يعني : القرآن العظيم الذي أنزله عليه الله وهو أمي ، لا يحسن الكتابة ، ولم يدارس أهل الكتاب ، وقد جاء فيه أخبار الأولين ، بما كان منهم في سالف الدهور ، بما يوافقه عليه الكتب المتقدمة الصحيحة منها; فإن القرآن مهيمن عليها ، يصدق الصحيح ، ويبين خطأ المكذوب فيها وعليها . وهذه الآية كقوله تعالى في سورة " العنكبوت " : ( وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون ) [ العنكبوت : 50 ، 51 ] وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من نبي إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي ، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " .
وإنما ذكر هاهنا أعظم الآيات التي أعطيها ، عليه السلام ، وهو القرآن ، وله من المعجزات ما لا يحد ولا يحصر ، كما هو مودع في كتبه ، ومقرر في مواضعه .
وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ (133)

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا لَوْلا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى (133)
يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء المشركون الذين وصف صفتهم في الآيات قبل هلا يأتينا محمد بآية من ربه، كما أتى قومه صالح بالناقة وعيسى بإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، يقول الله جلّ ثناؤه: أو لم يأتهم بيان ما في الكتب التي قبل هذا الكتاب من أنباء الأمم من قبلهم التي أهلكناهم لما سألوا الآيات فكفروا بها لما أتتهم كيف عجَّلنا لهم العذاب، وأنـزلنا بأسنا بكفرهم بها، يقول: فماذا يؤمنهم إن أتتهم الآية أن يكون حالهم حال أولئك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأولَى ) قال: التوراة والإنجيل.
حدثنا القاسم: قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأولَى ) الكتب التي خلت من الأمم التي يمشون في مساكنهم.
وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ (133)

قوله تعالى : وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه يريد كفار مكة ؛ أي لولا يأتينا محمد بآية توجب العلم الضروري . أو بآية ظاهرة كالناقة والعصا . أو هلا يأتينا بالآيات التي نقترحها نحن كما أتى الأنبياء من قبله .
قوله تعالى : أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى يريد التوراة والإنجيل والكتب المتقدمة ، وذلك أعظم آية إذ أخبر بما فيها . وقرئ ( الصحف ) بالتخفيف . وقيل أولم تأتهم الآية الدالة على نبوته بما وجدوه في الكتب المتقدمة من البشارة . وقيل : أولم يأتهم إهلاكنا الأمم الذين كفروا واقترحوا الآيات ، فما يؤمنهم إن أتتهم الآيات أن يكون حالهم حال أولئك وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو ويعقوب وابن أبي إسحاق وحفص ( أولم تأتهم ) بالتاء لتأنيث البينة . الباقون بالياء لتقدم الفعل ولأن البينة هي البيان والبرهان فردوه إلى المعنى ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم . وحكى الكسائي أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى قال : ويجوز على هذا بينة ما في الصحف الأولى . قال النحاس إذا نونت ( بينة ) ورفعت جعلت ما بدلا منها وإذا نصبتها فعلى الحال ؛ والمعنى أولم يأتهم ما في الصحف الأولى مبينا .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features