قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)

( قالوا ) مجيبين لها : ( نحن أولو قوة ) في القتال ) ( وأولو بأس شديد ) عند الحرب ، قال مقاتل : أرادوا بالقوة كثرة العدد ، وبالبأس الشديد الشجاعة ، وهذا تعريض منهم بالقتال إن أمرتهم بذلك ، ثم قالوا : ) ( والأمر إليك ) أيتها الملكة في القتال وتركه ) ( فانظري ) من الرأي ) ( ماذا تأمرين ) تجدينا لأمرك مطيعين .
قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)

( قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد ) أي : منوا إليها بعددهم وعددهم وقوتهم ، ثم فوضوا إليها بعد ذلك الأمر فقالوا : ( والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين ) أي : نحن ليس لنا عاقة [ ولا بنا بأس ، إن شئت أن تقصديه وتحاربيه ، فما لنا عاقة ] عنه . وبعد هذا فالأمر إليك ، مري فينا برأيك نمتثله ونطيعه .
قال الحسن البصري ، رحمه الله : فوضوا أمرهم إلى علجة تضطرب ثدياها ، فلما قالوا لها ما قالوا ، كانت هي أحزم رأيا منهم ، وأعلم بأمر سليمان ، وأنه لا قبل لها بجنوده وجيوشه ، وما سخر له من الجن والإنس والطير ، وقد شاهدت من قضية الكتاب مع الهدهد أمرا عجيبا بديعا ، فقالت لهم : إني أخشى أن نحاربه ونمتنع عليه ، فيقصدنا بجنوده ، ويهلكنا بمن معه ، ويخلص إلي وإليكم الهلاك والدمار دون غيرنا ; ولهذا قالت :
قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)

قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ
وأولو بأس شديد " قال ابن عباس : كان من قوة أحدهم أنه يركض فرسه حتى إذا احتد ضم فخذيه فحبسه بقوته .وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ
فانظري ماذا تأمرين " سلموا الأمر إلى نظرها مع ما أظهروا لها من القوة والبأس والشدة ; فلما فعلوا ذلك أخبرت عند ذلك بفعل الملوك بالقرى التي يتغلبون عليها .
وفي هذا الكلام خوف على قومها , وحيطة واستعظام لأمر سليمان عليه السلام .
" وكذلك يفعلون " قيل : هو من قول بلقيس تأكيدا للمعنى الذي أرادته .
وقال ابن عباس : هو من قول الله عز وجل معرفا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته بذلك ومخبرا به .
وقال وهب : لما قرأت عليهم الكتاب لم تعرف اسم الله , فقالت : ما هذا ؟ ! فقال بعض القوم : ما نظن هذا إلا عفريتا عظيما من الجن يقتدر به هذا الملك على ما يريده ; فسكتوه .
وقال الآخر : أراهم ثلاثة من العفاريت ; فسكتوه ; فقال شاب قد علم : يا سيدة الملوك ! إن سليمان ملك قد أعطاه ملك السماء ملكا عظيما فهو لا يتكلم بكلمة إلا بدأ فيها بتسمية إلهه , والله اسم مليك السماء , والرحمن الرحيم نعوته ; فعندها قالت : " أفتوني في أمري " فقالوا : " نحن أولو قوة " في القتال " وأولو بأس شديد " قوة في الحرب واللقاء " والأمر إليك " ردوا أمرهم إليها لما جربوا على رأيها من البركة " فانظري ماذا تأمرين "
قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)

وقوله: (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ) يقول تعالى ذكره: قال الملأ من قوم ملكة سبأ, إذ شاورتهم في أمرها وأمر سليمان: نحن ذوو القوّة على القتال, والبأس الشديد في الحرب, والأمر أيتها الملكة إليك في القتال وفي تركه, فانظري من الرأي ما ترين, فَمُرينا نأتمر لأمرك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ) عرضوا لها القتال, يقاتلون لها, والأمر إليك بعد هذا,(فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ).
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن مجاهد, قال: كان مع ملكة سبأ اثنا عشر ألف قيول (2) مع كل قيول مئة ألف.
حدثنا عمرو بن عليّ, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا سفيان, عن عطاء بن السائب, عن مجاهد, عن ابن عباس قال: كان مع بلقيس مائة ألف قيل, مع كل قيل مائة ألف.
قال: ثنا وكيع, قال: ثنا الأعمش, قال: سمعت مجاهدا يقول: كانت تحت يد ملكة سبأ اثنا عشر ألف قيول، والقيول بلسانهم: الملك تحت يد كلّ ملك مائة ألف مقاتل.
------------------------
الهوامش:
(2) القَيْل بفتح فسكون: الملك الصغير في اليمن، وجمعه: أقيال وقيول. وأما القيول، ولعله بفتح القاف، للملك الواحد، فلم أجده بالمعاجم، ولعله لفظ عام عند اليمن.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features