فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)

القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هود لقومه: (فإن تولوا) ، يقول: فإن أدبروا معرضين عما أدعوهم إليه من توحيد الله وترك عبادة الأوثان (8) ، (فقد أبلغتكم) أيها القوم ، (ما أرسلت به إليكم) ، وما على الرسول إلا البلاغ ، (ويستخلف ربي قوما غيركم) ، يهلككم ربي، ثم يستبدل ربي منكم قومًا غيركم ، (9) يوحِّدونه ويخلصون له العبادة ، (ولا تضرونه شيئًا ) ، يقول: ولا تقدرون له على ضرّ إذا أراد إهلاككم أو أهلككم.
* * *
وقد قيل: لا يضره هلاككُم إذا أهلككم ، لا تنقصونه شيئًا ، لأنه سواء عنده كُنتم أو لم تكونوا.
* * *
، (إن ربي على كل شيء حفيظ) ، يقول: إن ربي على جميع خلقه ذو حفظ وعلم . (10)
يقول: هو الذي يحفظني من أن تنالوني بسوء.
---------------------
الهوامش :
(8) كان حق الكلام أن يقول : " فإن أدبرتم معرضين عما أدعوكم إليه " ، فهو خطاب من هود لقومه ، أي : " فإن تتولوا " ، وحذف إحدى التاءين . وكأن هذا سهو من أبي جعفر رحمه الله وغفر له.
(9) انظر تفسير " الاستخلاف " فيما سلف من فهارس اللغة ( خلف ) .
(10) انظر تفسير " حفيظ " فيما سلف 8 : 562 / 12 : 25 ، 33 .
فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)

{ فَإِنْ تَوَلَّوْا } عما دعوتكم إليه { فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ } فلم يبق عليَّ تبعة من شأنكم.
{ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ } يقومون بعبادته، ولا يشركون به شيئا، { وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا } فإن ضرركم، إنما يعود عليكم، فالله لا تضره معصية العاصين. ولا تنفعه طاعة المطيعين { من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها } [ { إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } ].
فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)

قوله تعالى : فإن تولوا في موضع جزم ; فلذلك حذفت منه النون ، والأصل تتولوا ، فحذفت التاء لاجتماع تاءين .
فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم بمعنى قد بينت لكم .
ويستخلف ربي قوما غيركم أي يهلككم ويخلق من هو أطوع له منكم يوحدونه ويعبدونه . " ويستخلف " مقطوع مما قبله فلذلك ارتفع ; أو معطوف على ما يجب فيما بعد الفاء من قوله : فقد أبلغتكم . وروي عن حفص عن عاصم " ويستخلف " بالجزم حملا على موضع الفاء وما بعدها ; مثل : ويذرهم في طغيانهم يعمهون .
قوله تعالى : ولا تضرونه شيئا أي بتوليكم وإعراضكم . إن ربي على كل شيء حفيظ أي لكل شيء حافظ . " على " بمعنى اللام ; فهو يحفظني من أن تنالوني بسوء .
فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)

يقول لهم [ رسولهم ] هود : فإن تولوا عما جئتكم به من عبادة الله ربكم وحده لا شريك له ، فقد قامت عليكم الحجة بإبلاغي إياكم رسالة الله التي بعثني بها ، ( ويستخلف ربي قوما غيركم ) يعبدونه وحده لا يشركون به [ شيئا ] ولا يبالي بكم : فإنكم لا تضرونه بكفركم بل يعود وبال ذلك عليكم ، ( إن ربي على كل شيء حفيظ ) أي : شاهد وحافظ لأقوال عباده وأفعالهم ويجزيهم عليها إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .
فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)

( فإن تولوا ) أي : تتولوا ، يعني : تعرضوا عما دعوتكم إليه ، ( فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ) أي : إن أعرضتم يهلككم الله عز وجل ويستبدل بكم قوما غيركم أطوع منكم ، يوحدونه ويعبدونه ، ( ولا تضرونه شيئا ) بتوليكم وإعراضكم ، إنما تضرون أنفسكم . وقيل : لا تنقصونه شيئا إذا أهلككم لأن وجودكم وعدمكم عنده سواء ، ( إن ربي على كل شيء حفيظ ) أي : لكل شيء حافظ ، يحفظني من أن تنالوني بسوء .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features