ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۖ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)

القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: هذا الخبر الذي أخبرتك به من خبر يوسف ووالده يعقوب وإخوته وسائر ما في هذه السورة ، ( من أنباء الغيب ) ، يقول: من أخبار الغيب الذي لم تشاهده , ولم تعاينه، (31) ولكنا نوحيه إليك ونعرّفكه , لنثبِّت به فؤادك , ونشجع به قلبك , وتصبر على ما نالك من الأذى من قومك في ذات الله , وتعلم أن من قبلك من رسل الله ، إذ صبروا على ما نالهم فيه , وأخذوا بالعفو , وأمروا بالعُرف , وأعرضوا عن الجاهلين ، فازوا بالظفر , وأيِّدوا بالنصر , ومُكِّنوا في البلاد , وغلبوا من قَصَدوا من أعدائهم وأعداء دين الله . يقول الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فبهم، يا محمد، فتأسَّ , وآثارهم فقُصَّ ، ( وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون ) ، يقول: وما كنت حاضرًا عند إخوة يوسف , إذ أجمعوا واتفقت آراؤهم، (32) وصحت عزائمهم، على أن يلقوا يوسف في غيابة الجب. وذلك كان مكرهم الذي قال الله عز وجل: ( وهم يمكرون )، كما:-
19951 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: ( وما كنت لديهم ) ، يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم , يقول: ما كنت لديهم وهم يلقونه في غيابة الجب ، ( وهم يمكرون )، أي: بيوسف.
19952 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن عطاء الخراساني , عن ابن عباس: ( وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون ) ، الآية , قال: هم بنو يعقوب.
* * *
----------------------
الهوامش:
(31) ‌انظر تفسير" النبأ" و" الغيب" فيما سلف من فهارس اللغة ( نبأ ) و ( غيب ) .
(32) انظر تفسير" الإجماع" فيما سلف 15 : 147 ، 148 ، 573 .
ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۖ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)

لما قص الله هذه القصة على محمد صلى الله عليه وسلم قال الله له: { ذَلِكَ } الإنباء الذي أخبرناك به { مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ } الذي لولا إيحاؤنا إليك لما وصل إليك هذا الخبر الجليل، فإنك لم تكن حاضرا لديهم { إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ } أي: إخوة يوسف { وَهُمْ يَمْكُرُونَ } به حين تعاقدوا على التفريق بينه وبين أبيه، في حالة لا يطلع عليها إلا الله تعالى، ولا يمكن أحدا أن يصل إلى علمها، إلا بتعليم الله له إياها.
كما قال تعالى لما قص قصة موسى وما جرى له، ذكر الحال التي لا سبيل للخلق إلى علمها إلا بوحيه { وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين } الآيات، فهذا أدل دليل على أن ما جاء به رسول الله حقا.
ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۖ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)

قوله تعالى : ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون
قوله تعالى : ذلك من أنباء الغيب ابتداء وخبر . نوحيه إليك خبر ثان . قال الزجاج : ويجوز أن يكون " ذلك " بمعنى الذي ، " نوحيه إليك " خبره ; أي الذي من أنباء الغيب نوحيه إليك ; يعني هو الذي قصصنا عليك يا محمد من أمر يوسف من أخبار الغيب نوحيه إليك أي نعلمك بوحي هذا إليك .
وما كنت لديهم أي مع إخوة يوسف
إذ أجمعوا أمرهم في إلقاء يوسف في الجب .
وهم يمكرون أي بيوسف في إلقائه في الجب . وقيل : يمكرون بيعقوب حين جاءوه بالقميص ملطخا بالدم ; أي ما شاهدت تلك الأحوال ، ولكن الله أطلعك عليها .
ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۖ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)

( ذلك ) الذي ذكرت ( من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم ) أي : ما كنت يا محمد عند أولاد يعقوب ( إذ أجمعوا أمرهم ) أي : عزموا على إلقاء يوسف في الجب ( وهم يمكرون ) بيوسف .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features