وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84)

القول في تأويل قوله : وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فجزينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم على طاعته إيانا، وإخلاصه توحيد ربه, ومفارقته دين قومه المشركين بالله، بأن رفعنا درجته في عليين, وآتيناه أجره في الدنيا، ووهبنا له أولادًا خصصناهم بالنبوّة, وذرية شرفناهم منا بالكرامة، وفضلناهم على العالمين, (34) منهم: ابنه إسحاق, وابن ابنه يعقوب =" كلا هدينا "، يقول: هدينا جميعهم لسبيل الرشاد, فوفقناهم للحق والصواب من الأديان (35) =" ونوحًا هدينا من قبل "، يقول: وهدينا لمثل الذي هدينا إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الحق والصواب، فوفقناه له = نوحًا، من قبل إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
* * *
=" ومن ذريته داود "، و " الهاء " التي في قوله: " ومن ذريته "، من ذكر نوح. وذلك أن الله تعالى ذكره ذكر في سياق الآيات التي تتلو هذه الآية لوطًا فقال: وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ . ومعلوم أن لوطًا لم يكن من ذرية إبراهيم صلى الله عليهم أجمعين. فإذا كان ذلك كذلك, وكان معطوفًا على أسماء من سمَّينا من ذريته, كان لا شك أنه لو أريد بالذرية ذرية إبراهيم، لما دخل يونس ولوط فيهم. ولا شك أن لوطًا ليس من ذرّية إبراهيم، ولكنه من ذرية نوح, فلذلك وجب أن تكون " الهاء " في" الذرية " من ذكر نوح. (36)
فتأويل الكلام: ونوحًا وفقنا للحق والصواب من قبل إبراهيم وإسحاق ويعقوب, وهدينا أيضًا من ذرّية نوح، داود وسليمان.
= و " داود "، هو داود بن إيشا (37) = و " سليمان " هو ابنه: سليمان بن داود = و " أيوب "، هو أيوب بن موص بن رزاح (38) بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم = و " يوسف "، هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم = و " موسى "، هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب = و " هارون "، أخو موسى.
* * *
=" وكذلك نجزي المحسنين " ، يقول تعالى ذكره: جزينا نوحًا بصبره على ما امتحن به فينا، بأن هديناه فوفقناه لإصابة الحق الذي خذلنا عنه من عصانا فخالف أمرنا ونهينا من قومه, وهدينا من ذريته من بعده من ذكر تعالى ذكره من أنبيائه لمثل الذي هديناه له. وكما جزينا هؤلاء بحسن طاعتهم إيانا وصبرهم على المحن فينا, كذلك نجزي بالإحسان كل محسن. (39)
----------------------
الهوامش :
(34) انظر تفسر"وهب" فيما سلف 6: 212.
(35) انظر تفسير"كل" فيما سلف 9: 96 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.
(36) انظر تفسير"الذرية" فيما سلف 3: 19 ، 73/5 : 543/6 : 327 ، 362/8 : 19.
(37) { يسَّى} في كتاب القوم ، وقد مضى في التفسير 5: 355: "بن إيشي".
(38) في المطبوعة والمخطوطة: "روح" والصواب من تاريخ الطبري 1: 165.
(39) انظر تفسير"الجزاء" ، و"الإحسان" فيما سلف من فهارس اللغة (جزي) (حسن).
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84)

لما ذكر الله تعالى عبده وخليله، إبراهيم عليه السلام، وذكر ما مَنَّ الله عليه به، من العلم والدعوة، والصبر، ذكر ما أكرمه الله به من الذرية الصالحة، والنسل الطيب. وأن الله جعل صفوة الخلق من نسله، وأعظم بهذه المنقبة والكرامة الجسيمة، التي لا يدرك لها نظير فقال: { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } ابنه، الذي هو إسرائيل، أبو الشعب الذي فضله الله على العالمين. { كُلًّا } منهما { هَدَيْنَا } الصراط المستقيم، في علمه وعمله. { وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ } وهدايته من أنواع الهدايات الخاصة التي لم تحصل إلا لأفراد من العالم؛ وهم أولو العزم من الرسل، الذي هو أحدهم. { وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ } يحتمل أن الضمير عائد إلى نوح، لأنه أقرب مذكور، ولأن الله ذكر مع من ذكر لوطا، وهو من ذرية نوح، لا من ذرية إبراهيم لأنه ابن أخيه. ويحتمل أن الضمير يعود إلى إبراهيم لأن السياق في مدحه والثناء عليه، ولوط -وإن لم يكن من ذريته- فإنه ممن آمن على يده، فكان منقبة الخليل وفضيلته بذلك، أبلغ من كونه مجرد ابن له. { دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ } بن داود { وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ } بن يعقوب. { وَمُوسَى وَهَارُونَ } ابني عمران، { وَكَذَلِكَ } كما أصلحنا ذرية إبراهيم الخليل، لأنه أحسن في عبادة ربه، وأحسن في نفع الخلق { كذلك نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } بأن نجعل لهم من الثناء الصدق، والذرية الصالحة، بحسب إحسانهم.
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84)

( ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ) وفقنا وأرشدنا . ( ونوحا هدينا من قبل ) أي : من قبل إبراهيم ، ( ومن ذريته ) أي ومن ذرية نوح عليه السلام ، ولم يرد من ذرية إبراهيم لأنه ذكر في جملتهم يونس ولوطا ولم يكونا من ذرية إبراهيم ( داود ) يعني : داود بن أيشا ، ( وسليمان ) يعني ابنه ، ( وأيوب ) وهو أيوب بن أموص بن رازح بن روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم ، ( ويوسف ) هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام ، ( وموسى ) وهو موسى بن عمران بن يصهر بن فاهث بن لاوي بن يعقوب . ( وهارون ) هو أخو موسى أكبر منه بسنة ، ( وكذلك ) أي : وكما جزينا إبراهيم على توحيده بأن رفعنا درجته ووهبنا له أولادا أنبياء أتقياء كذلك ، ( نجزي المحسنين ) على إحسانهم ، وليس ذكرهم على ترتيب أزمانهم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features