وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ (92)

القول في تأويل قوله : وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (92)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولا سبيل أيضًا على النفر الذين إذا ما جاءوك، لتحملهم، يسألونك الحُمْلان، ليبلغوا إلى مغزاهم لجهاد أعداءِ الله معك، يا محمد, قلت لهم: لا أجد حَمُولةً أحملكم عليها =(تولوا)، يقول: أدبروا عنك, (25) =(وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا)، وهم يبكون من حزن على أنهم لا يجدون ما ينفقون، (26) ويتحمَّلون به للجهادِ في سبيل الله.
* * *
وذكر بعضهم: أن هذه الآية نـزلت في نفر من مزينة.
* ذكر من قال ذلك:
17080- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه)، قال: هم من مزينة.
17081- حدثني المثنى قال: أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، قال: هم بنو مُقَرِّنٍ، من مزينة.
17082- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن ابن جريج قراءةً، عن مجاهد في قوله: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، إلى قوله: (حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون)، قال: هم بنو مقرِّن. من مزينة.
17083- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، قال: هم بنو مقرِّن من مزينة.
17084-...... قال، حدثنا أبي, عن أبي جعفر, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, عن عروة, عن ابن مغفل المزني, وكان أحد النفر الذين أنـزلت فيهم: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، الآية.
17085- حدثني المثنى قال، أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير, عن ابن عيينة, عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: (تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا)، قال: منهم ابن مقرِّن = وقال سفيان: قال الناس: منهم عرباض بن سارية.
* * *
وقال آخرون: بل نـزلت في عِرْباض بن سارية.
* ذكر من قال ذلك:
17086- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا أبو عاصم, عن ثور بن يزيد, عن خالد بن معدان, عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر الكلاعي قالا دخلنا على عرباض بن سارية, وهو الذي أنـزل فيه: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، الآية. (27)
17087- حدثني المثنى قال، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن قال، حدثنا الوليد قال، حدثنا ثور, عن خالد, عن عبد الرحمن بن عمرو, وحجر بن حجر بنحوه.
* * *
وقال آخرون: بل نـزلت في نفر سبعة، من قبائل شتى.
* ذكر من قال ذلك:
17088- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر, عن محمد بن كعب وغيره قال: جاء ناسٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحملونه, فقال: (لا أجد ما أحملكم عليه)! فأنـزل الله: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، الآية. قال: هم سبعة نفر: من بني عمرو بن عوف: سالم بن عمير = ومن بني واقف: هرمي بن عمرو (28) = ومن بني مازن بن النجار: عبد الرحمن بن كعب, يكنى أبا ليلى = ومن بني المعلى: سلمان بن صخر = ومن بني حارثة: عبد الرحمن بن يزيد، أبو عبلة, وهو الذي تصدق بعرضِه فقبله الله منه = ومن بني سَلِمة: عمرو بن غنمة, وعبد الله بن عمرو المزني.
17089- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قوله: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، إلى قوله: (حزنًا)، وهم البكاؤون، كانوا سبعة. (29)
------------------------
الهوامش :
(25) انظر تفسير " التولي " فيما سلف من فهارس اللغة (ولى).
(26) انظر تفسير " تفيض من الدمع " فيما سلف 10 : 507
(27) الأثر : 17086 - " عبد الرحمن بن عمرو بن عبسة السلمي " ، ثقة ، مترجم في التهذيب . و " حجر بن حجر الكلاعي " ، ثقة ، مترجم في التهذيب .
(28) في المطبوعة والمخطوطة : " حرمي بن عمرو " ، والصواب " هرمي " بالهاء ، انظر ترجمته في الإصابة .
(29) الأثر : 17089 - سيرة ابن هشام 4 : 197 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 17077 ، وليس فيه في هذا الموضع قوله : " وهم سبعة " . وأما عدتهم عند ابن إسحاق فقد ذكرها ابن هشام في سيرته 4 : 161 ، وقال : " وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم " ، ثم عددهم .
وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ (92)

وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ
روي أن الآية نزلت في عرباض بن سارية .
وقيل : نزلت في عائذ بن عمرو .
وقيل : نزلت في بني مقرن - وعلى هذا جمهور المفسرين - وكانوا سبعة إخوة , كلهم صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم , وليس في الصحابة سبعة إخوة غيرهم , وهم النعمان ومعقل وعقيل وسويد وسنان وسابع لم يسم بنو مقرن المزنيون سبعة إخوة هاجروا وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشاركهم - فيما ذكره ابن عبد البر وجماعة - في هذه المكرمة غيرهم .
وقد قيل : إنهم شهدوا الخندق كلهم .
وقيل : نزلت في سبعة نفر من بطون شتى , وهم البكاءون أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ليحملهم , فلم يجد ما يحملهم عليه ; ف " تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون " فسموا البكائين .
وهم سالم بن عمير من بني عمرو بن عوف وعلبة بن زيد أخو بني حارثة .
وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب من بني مازن بن النجار .
وعمرو بن الحمام من بني سلمة .
وعبد الله بن المغفل المزني , وقيل : بل هو عبد الله بن عمرو المزني .
وهرمي بن عبد الله أخو بني واقف , وعرباض بن سارية الفزاري , هكذا سماهم أبو عمر في كتاب الدرر له .
وفيهم اختلاف .
قال القشيري : معقل بن يسار وصخر بن خنساء وعبد الله بن كعب الأنصاري , وسالم بن عمير , وثعلبة بن غنمة , وعبد الله بن مغفل وآخر .
قالوا : يا نبي الله , قد ندبتنا للخروج معك , فاحملنا على الخفاف المرفوعة والنعال المخصوفة نغز معك .
فقال : " لا أجد ما أحملكم عليه " فتولوا وهم يبكون .
وقال ابن عباس : سألوه أن يحملهم على الدواب , وكان الرجل يحتاج إلى بعيرين , بعير يركبه وبعير يحمل ماءه وزاده لبعد الطريق .
وقال الحسن : نزلت في أبي موسى وأصحابه أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ليستحملوه , ووافق ذلك منه غضبا فقال : " والله لا أحملكم ولا أجد ما أحملكم عليه فتولوا يبكون ; فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاهم ذودا .
فقال أبو موسى : ألست حلفت يا رسول الله ؟ فقال : ( إني إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني ) .
قلت : وهذا حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم بلفظه ومعناه .
وفي مسلم : فدعا بنا فأمر لنا بخمس ذود غر الذرى .. .
) الحديث .
وفي آخره : ( فانطلقوا فإنما حملكم الله ) .
وقال الحسن أيضا وبكر بن عبد الله : نزلت في عبد الله بن مغفل المزني , أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستحمله .
قال الجرجاني : التقدير أي ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم وقلت لا أجد .
فهو مبتدأ معطوف على ما قبله بغير واو , والجواب " تولوا " .تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ
الجملة في موضع نصب على الحال .
" حزنا " مصدر .
" ألا يجدوا " نصب بأن .
وقال النحاس : قال الفراء يجوز أن لا يجدون ; يجعل لا بمعنى ليس .
وهو عند البصريين بمعنى أنهم لا يجدون .
والجمهور من العلماء على أن من لا يجد ما ينفقه في غزوه أنه لا يجب عليه .
وقال علماؤنا : إذا كانت عادته المسألة لزمه كالحج وخرج على العادة لأن حاله إذا لم تتغير يتوجه الفرض عليه كتوجهه على الواجد .
والله أعلم .
في قوله تعالى : " وأعينهم تفيض من الدمع " ما يستدل به على قرائن الأحوال .
ثم منها ما يفيد العلم الضروري , ومنها ما يحتمل الترديد .
فالأول كمن يمر على دار قد علا فيها النعي وخمشت الخدود وحلقت الشعور وسلقت الأصوات وخرقت الجيوب ونادوا على صاحب الدار بالثبور ; فيعلم أنه قد مات .
وأما الثاني فكدموع الأيتام على أبواب الحكام ; قال الله تعالى مخبرا عن إخوة يوسف عليه السلام : " وجاءوا أباهم عشاء يبكون " [ يوسف : 16 ] .
وهم الكاذبون ; قال الله تعالى مخبرا عنهم : " وجاءوا على قميصه بدم كذب " [ يوسف : 18 ] .
ومع هذا فإنها قرائن يستدل بها في الغالب فتبنى عليها الشهادات بناء على ظواهر الأحوال وغالبها .
وقال الشاعر : إذا اشتبكت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكى وسيأتي هذا المعنى في " يوسف " مستوفى إن شاء الله تعالى .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features