وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وما أرسلنا إلى أمة من الأمم ، يا محمد، من قبلك ومن قبلِ قومك ، رسولا إلا بلسان الأمة التي أرسلناه إليها ولغتهم ( ليبين لهم ) يقول: ليفهمهم ما أرسله الله به إليهم من أمره ونَهيه ، ليُثْبت حجة الله عليهم ، ثم التوفيقُ والخذلانُ بيد الله ، فيخذُل عن قبول ما أتاه به رسُوله من عنده من شاء منهم ، ويوفّق لقبوله من شاء ولذلك رفع " فيُضلُّ" ، لأنه أريد به الابتداء لا العطف على ما قبله ، كما قيل: لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ [ سورة الحج : 5 ] (وهو العزيز) (37) الذي لا يمتنع مما أراده من ضلال أو هداية من أرادَ ذلك به (الحكيم) ، في توفيقه للإيمان من وفَّقه له ، وهدايته له من هداه إليه ، وفي إضلاله من أضلّ عنه ، وفي غير ذلك من تدبيره. (38)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
20560- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله: ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ) ، أي بلغة قومه ما كانت . قال الله عز وجلّ: ( ليبين لهم ) الذي أرسل إليهم ، ليتخذ بذلك الحجة . قال الله عز وجلّ: ( فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ).
--------------------------
الهوامش :
(37) انظر تفسير " العزيز " ، فيما سلف قريبًا : 511 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك .
(38) انظر تفسير " الحكيم " فيما سلف من فهارس اللغة .
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)

قوله تعالى : وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم
قوله تعالى وما أرسلنا من رسول أي قبلك يا محمد إلا بلسان قومه أي بلغتهم ، ليبين لهم أمر دينهم ; ووحد اللسان وإن أضافه إلى القوم لأن المراد اللغة ; فهي اسم جنس يقع على القليل والكثير ; ولا حجة للعجم وغيرهم في هذه الآية ; لأن كل من ترجم له ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - ترجمة يفهمها لزمته الحجة ، وقد قال الله تعالى : وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا . وقال - صلى الله عليه وسلم - : أرسل كل نبي إلى أمته بلسانها وأرسلني الله إلى كل أحمر وأسود من خلقه . وقال - صلى الله عليه وسلم - : والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار . خرجه مسلم ، وقد تقدم .
فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء رد على القدرية في نفوذ المشيئة ، وهو مستأنف ، وليس بمعطوف على ليبين لأن الإرسال إنما وقع للتبيين لا للإضلال . ويجوز النصب في يضل لأن الإرسال صار سببا للإضلال ; فيكون كقوله : ليكون لهم عدوا وحزنا وإنما صار الإرسال سببا للإضلال لأنهم كفروا به لما جاءهم ; فصار كأنه سبب لكفرهم
وهو العزيز الحكيم تقدم معناه .
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)

قوله تعالى : ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ) بلغتهم ليفهموا عنه . فإن قيل : كيف هذا وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى كافة الخلق ؟
قيل : بعث من العرب بلسانهم ، والناس تبع لهم ، ثم بث الرسل إلى الأطراف يدعونهم إلى الله عز وجل ويترجمون لهم بألسنتهم .
( فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ) .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features