وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)

القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " ومن حيث خرجت "، ومن أيّ موضع خرَجْت إلى أي موضع وجَّهتَ، فولِّ يا محمد وَجهك - يقول: حوِّل وَجْهك. وقد دللنا على أن " التولية " في هذا الموضع شطر المسجد الحرام, إنما هي: الإقبالُ بالوجه نحوه. وقد بينا معنى " الشطر " فيما مضى. (25)
* * *
وأما قوله: " وإنه للحق من ربك "، فإنه يعني تعالى ذكره: وإنّ التوجه شَطرَه للحق الذي لا شكّ فيه من عند ربك, فحافظوا عليه, وأطيعوا الله في توجهكم قِبَله.
* * *
وأما قوله: " ومَا الله بغافل عَما تَعملون "، فإنه يقول: فإن الله تعالى ذكره لَيس بساهٍ عن أعمالكم، ولا بغافل عنها, ولكنه محصيها لكم، حتى يجازيكم بها يوم القيامة. (26)
* * *
---------------------
الهوامش :
(25) انظر ما سلف في"التولية" في هذا الجزء 3 : 194 تعليق : 3 ، وما سلف في تفسير : "شطر" في هذا الجزء 3 : 175 .
(26) انظر معنى"غافل" فيما سلف من هذا الجزء 3 : 174 تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)

ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون
قوله تعالى : ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام قيل : هذا تأكيد للأمر باستقبال الكعبة واهتمام بها لأن موقع التحويل كان صعبا في نفوسهم جدا ، فأكد الأمر ليرى الناس الاهتمام به فيخف عليهم وتسكن نفوسهم إليه . وقيل : أراد بالأول : ول وجهك شطر الكعبة ، أي عاينها إذا صليت تلقاءها . ثم قال : وحيثما كنتم معاشر المسلمين في سائر المساجد بالمدينة وغيرها فولوا وجوهكم شطره ثم قال ومن حيث خرجت يعني وجوب الاستقبال في الأسفار ، فكان هذا أمرا بالتوجه إلى الكعبة في جميع المواضع من نواحي الأرض .
قلت : هذا القول أحسن من الأول ; لأن فيه حمل كل آية على فائدة . وقد روى الدارقطني عن أنس بن مالك قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فأراد أن يصلي على راحلته استقبل القبلة وكبر ثم صلى حيث توجهت به . أخرجه أبو داود أيضا ، وبه قال الشافعي وأحمد وأبو ثور . وذهب مالك إلى أنه لا يلزمه الاستقبال ، لحديث ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته . قال : وفيه نزل فأينما تولوا فثم وجه الله وقد تقدم .
قلت : ولا تعارض بين الحديثين ; لأن هذا من باب المطلق والمقيد ، فقول الشافعي أولى ، وحديث أنس في ذلك حديث صحيح . ويروى أن جعفر بن محمد سئل ما معنى تكرير القصص في القرآن ؟ فقال : علم الله أن كل الناس لا يحفظ القرآن ، فلو لم تكن القصة مكررة لجاز أن تكون عند بعض الناس ولا تكون عند بعض ، فكررت لتكون عند من حفظ البعض .
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)

قوله تعالى: {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون} قرأ أبو عامر بالياء والباقون بالتاء.
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)

أي: { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ } في أسفارك وغيرها, وهذا للعموم, { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } أي: جهته. ثم خاطب الأمة عموما فقال: { وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } وقال: { وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ } أكده بـ " إن " واللام, لئلا يقع لأحد فيه أدنى شبهة, ولئلا يظن أنه على سبيل التشهي لا الامتثال. { وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } بل هو مطلع عليكم في جميع أحوالكم, فتأدبوا معه, وراقبوه بامتثال أوامره, واجتناب نواهيه، فإن أعمالكم غير مغفول عنها, بل مجازون عليها أتم الجزاء, إن خيرا فخير, وإن شرا فشر.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features