فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)

القول في تأويل قوله تعالى : فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)
قال أبو جعفر: إن قال قائل: وما وجه قوله: (فاستجاب له ربه) ، ولا مسألةَ تقدَّمت من يوسف لربّه، ولا دعا بصَرْف كيدهنَّ عنه , وإنما أخبر ربه أن السجن أحب إليه من معصيته؟
قيل: إن في إخباره بذلك شكايةً منه إلى ربه مما لقي منهنَّ، وفي قوله: وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ، معنى دعاءٍ ومسألةٍ منه ربَّه صرفَ كيدهِنَّ , ولذلك قال الله تعالى ذكره: (فاستجاب له ربه) ، وذلك كقول القائل لآخر: " إن لا تزرني أهنك " , فيجيبه الآخر: " إذن أزورَك "، لأن في قوله: " إن لا تزرني أهنك " , معنى الأمر بالزيارة.
* * *
قال أبو جعفر: وتأويل الكلام: فاستجاب الله ليوسف دعاءه , فصرف عنه ما أرادت منه امرأة العزيز وصواحباتها من معصية الله، كما: -
19252 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق: (فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم) ، أي: نجاه من أن يركب المعصية فيهن , وقد نـزل به بعض ما حَذر منهنَّ.
* * *
وقوله: (إنه هو السميع) ، دعاءَ يوسف حين دعاه بصرف كيد النسوة عنه، ودعاءَ كل داع من خلقه ، (العليم) ، بمطلبه وحاجته , وما يصلحه , وبحاجة جميع خلقه وما يُصْلحهم. (33)
----------------------
الهوامش:
(33) انظر تفسير" السميع" و" العليم" فيما سلف من فهارس اللغة ( سمع ) ، ( علم ) .
فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)

وذلك أن يوسف ، عليه السلام ، عصمه الله عصمة عظيمة ، وحماه فامتنع منها أشد الامتناع ، واختار السجن على ذلك ، وهذا في غاية مقامات الكمال : أنه مع شبابه وجماله وكماله تدعوه سيدته ، وهي امرأة عزيز مصر ، وهي مع هذا في غاية الجمال والمال ، والرياسة ويمتنع من ذلك ، ويختار السجن على ذلك ، خوفا من الله ورجاء ثوابه .
ولهذا ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ، ورجل دعته امرأة ذات جمال ومنصب ، فقال : إني أخاف الله "
فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)

{ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ } حين دعاه { فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ } فلم تزل تراوده وتستعين عليه بما تقدر عليه من الوسائل، حتى أيسها، وصرف الله عنه كيدها، { إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ } لدعاء الداعي { الْعَلِيمُ } بنيته الصالحة، وبنيته الضعيفة المقتضية لإمداده بمعونته ولطفه.
فهذا ما نجى الله به يوسف من هذه الفتنة الملمة والمحنة الشديدة،.وأما أسياده فإنه لما اشتهر الخبر وبان، وصار الناس فيها بين عاذر ولائم وقادح.
فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)

( فاستجاب له ) أجاب له . ( ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم ) [ لدعائه ] العليم بمكرهن .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features