لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)

القول في تأويل قوله تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)
وقوله: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) يقول تعالى ذكره لقد كان لكم أيها المؤمنون قدوة حسنة فى الذين ذكرهم إبراهيم والذين معه من الأنبياء صلوات الله عليهم والرسل ( لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ) يقول: لمن كان منكم يرجو لقاء الله، وثواب الله، والنجاة في اليوم الآخر.
وقوله: ( وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) يقول تعالى ذكره: ومن يتول عما أمره الله به وندبه إليه منكم ومن غيركم، فأعرض عنه وأدبر مستكبرًا، ووالى أعداء الله، وألقى إليهم بالمودّة، فإن الله هو الغنيّ عن إيمانه به، وطاعته إياه، وعن جميع خلقه، الحميد عند أهل المعرفة بأياديه، وآلائه عندهم.
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)

ثم قال تعالى : ( لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ) وهذا تأكيد لما تقدم ومستثنى منه ما تقدم أيضا لأن هذه الأسوة المثبتة ها هنا هي الأولى بعينها .
وقوله : ( لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ) تهييج إلى ذلك كل مقر بالله والمعاد .
وقوله : ( ومن يتول ) أي : عما أمر الله به ، ( فإن الله هو الغني الحميد ) كقوله ( إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) [ إبراهيم : 8 ] .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( الغني ) الذي قد كمل في غناه ، وهو الله ، هذه صفته لا تنبغي إلا له ، ليس له كفء ، وليس كمثله شيء ، سبحان الله الواحد القهار . ) الحميد ) المستحمد إلى خلقه ، أي : هو المحمود في جميع أفعاله وأقواله ، لا إله غيره ، ولا رب سواه .
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)

قوله تعالى : لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم
قوله تعالى : لقد كان لكم فيهم أي في إبراهيم ومن معه من الأنبياء والأولياء .
" أسوة حسنة " أي في التبرؤ من الكفار . وقيل : كرر للتأكيد . وقيل : نزل الثاني بعد الأول بمدة ; وما أكثر المكررات في القرآن على هذا الوجه .
" ومن يتول " أي عن الإسلام وقبول هذه المواعظ
فإن الله هو الغني أي لم يتعبدهم لحاجته إليهم .
" الحميد " في نفسه وصفاته . ولما نزلت عادى المسلمون أقرباءهم من المشركين فعلم الله شدة وجد المسلمين في ذلك فنزلت
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)

ثم كرر الحث [لهم] على الاقتداء بهم، فقال: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } وليس كل أحد تسهل عليه هذه الأسوة، وإنما تسهل على من { كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ } فإن الإيمان واحتساب الأجر والثواب، يسهل على العبد كل عسير، ويقلل لديه كل كثير، ويوجب له الإكثار من الاقتداء بعباد الله الصالحين، والأنبياء والمرسلين، فإنه يرى نفسه مفتقرا ومضطرا إلى ذلك غاية الاضطرار.
{ وَمَنْ يَتَوَلَّ } عن طاعة الله والتأسي برسل الله، فلن يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئا، { فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ } الذي له الغنى التام [المطلق] من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى أحد من خلقه [بوجه]، { الْحَمِيدُ } في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فإنه محمود على ذلك كله.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features