رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)

يقول تعالى ذكره: لم يكن ربك يا محمد ربّ السماوات والأرض وما بينهما نسيا، لأنه لو كان نسيا لم يستقم ذلك، ولهلك لولا حفظه إياه، فالربّ مرفوع ردّا على قوله رَبِّكَ وقوله (فاعْبُدْه) يقول: فالزم طاعته، وذلّ لأمره ونهيه ( وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ) يقول: واصبر نفسك على النفوذ لأمره ونهيه، والعمل بطاعته، تفز برضاه عنك، فإنه الإله الذي لا مثل له ولا عدل ولا شبيه في جوده وكرمه وفضله ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) يقول: هل تعلم يا محمد لربك هذا الذي أمرناك بعبادته، والصبر على طاعته مثلا في كرمه وجوده، فتعبده رجاء فضله وطوله دونه كلا ما ذلك بموجود.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) يقول: هل تعلم للربّ مثلا أو شبيها.
حدثني سعيد بن عثمان التنوخي، قال: ثنا إبراهيم بن مهدي، عن عباد بن عوام، عن شعبة، عن الحسن بن عمارة، عن رجل ، عن ابن عباس، في قوله ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) قال: شبيها.
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن مجاهد في هذه الآية ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) قال: هل تعلم له شبيها، هل تعلم له مثلا تبارك وتعالى.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) لا سميّ لله ولا عَدل له، كلّ خلقه يقر له، ويعترف أنه خالقه، ويعرف ذلك، تم يقرأ هذه الآية وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ .
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، في قوله ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) قال: يقول: لا شريك له ولا مثل.
رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)

( رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته ) أي : اصبر على أمره ونهيه ( هل تعلم له سميا ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : مثلا .
وقال الكلبي : هل تعلم أحدا يسمى " الله " غيره ؟
رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)

ثم علل إحاطة علمه، وعدم نسيانه، بأنه { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } فربوبيته للسماوات والأرض، وكونهما على أحسن نظام وأكمله، ليس فيه غفلة ولا إهمال، ولا سدى، ولا باطل، برهان قاطع على علمه الشامل، فلا تشغل نفسك بذلك، بل اشغلها بما ينفعك ويعود عليك طائله، وهو: عبادته وحده لا شريك له، { وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } أي: اصبر نفسك عليها وجاهدها، وقم عليها أتم القيام وأكملها بحسب قدرتك، وفي الاشتغال بعبادة الله تسلية للعابد عن جميع التعلقات والمشتهيات، كما قال تعالى: { وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } إلى أن قال: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا } الآية. { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } أي: هل تعلم لله مساميا ومشابها ومماثلا من المخلوقين. وهذا استفهام بمعنى النفي، المعلوم بالعقل. أي: لا تعلم له مساميا ولا مشابها، لأنه الرب، وغيره مربوب، الخالق، وغيره مخلوق، الغني من جميع الوجوه، وغيره فقير بالذات من كل وجه، الكامل الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه، وغيره ناقص ليس فيه من الكمال إلا ما أعطاه الله تعالى، فهذا برهان قاطع على أن الله هو المستحق لإفراده بالعبودية، وأن عبادته حق، وعبادة ما سواه باطل، فلهذا أمر بعبادته وحده، والاصطبار لها، وعلل ذلك بكماله وانفراده بالعظمة والأسماء الحسنى.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features