وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)

القول في تأويل قوله : وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وكملت =" كلمة ربك ", يعني القرآن .
* * *
سماه " كلمة "، كما تقول العرب للقصيدة من الشعر يقولها الشاعر: " هذه كلمة فلان ". (21) .
* * *
=(صدقًا وعدلا)، يقول: كملت كلمة ربك من الصدق والعدل.
* * *
و " الصدق " و " العدل " نصبا على التفسير للكلمة, كما يقال: " عندي عشرون درهما " . (22)
=(لا مبدِّل لكلماته)، يقول: لا مغيِّر لما أخبر في كتبه أنه كائن من وقوعه في حينه وأجله الذي أخبر الله أنه واقع فيه ، (23) وذلك نظير قوله جل ثناؤه يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ ،[سورة الفتح:15]. فكانت إرادتهم تبديل كلام الله، مسألتهم نبيَّ الله أن يتركهم يحضرون الحرب معه, وقولهم له ولمن معه من المؤمنين: ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ، بعد الخبر الذي كان الله أخبرهم تعالى ذكره في كتابه بقوله: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا الآية، [سورة التوبة: 83] , فحاولوا تبديل كلام الله وخبره بأنهم لن يخرجوا مع نبي الله في غَزاةٍ, ولن يقاتلوا معه عدوًّا بقولهم لهم: ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ، فقال الله جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " يريدون أن يبدلوا "= بمسألتهم إياهم ذلك= كلامَ الله وخبره: قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ . فكذلك معنى قوله: (لا مبدِّل لكلماته)، إنما هو: لا مغيِّر لما أخبرَ عنه من خبر أنه كائن، فيبطل مجيئه وكونه ووُقُوعه على ما أخبرَ جل ثناؤه، لأنه لا يزيد المفترون في كتب الله ولا ينقصون منها. وذلك أن اليهود والنصارى لا شك أنهم أهلُ كتب الله التي أنـزلها على أنبيائه, وقد أخبر جل ثناؤه أنهم يحرِّفون غيرَ الذي أخبر أنَّه لا مبدِّل له .
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:
13789- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (وتمت كلمة ربك صدقًا وعدلا لا مبدل لكلماته)، يقول: صدقًا وعدلا فيما حكَم .
* * *
وأما قوله: (وهو السميع العليم)، فإن معناه: والله " السميع "، لما يقول هؤلاء العادلون بالله, المقسمون بالله جهد أيمانهم: لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها, وغير ذلك من كلام خلقه=" العليم "، بما تؤول إليه أيمانهم من برٍّ وصدق وكذب وحِنْثٍ، وغير ذلك من أمور عباده . (24)
----------------
الهوامش :
(21) انظر تفسير (( الكلمة )) فيما سلف 3 : 7 - 17 / 6 : 371 ، 410 - 412 / 8 : 432 / 9 : 410 / 10 : 129 ، 313
(22) (( التفسير )) ، هو (( التميز )) ، انظر فهارس المصطلحات فيما سلف .
(23) انظر تفسير (( التبديل )) فيما سلف 11 : 335 ، وفهارس اللغة ( بدل ) .
(24) انظر تفسير (( السميع )) و (( العليم )) فيما سلف من فهارس اللغة ( سمع ) و ( علم ) .
وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)

قوله عز وجل : ( وتمت كلمة ربك ) قرأ أهل الكوفة ويعقوب " كلمة " على التوحيد ، وقرأ الآخرون ( كلمات ) بالجمع ، وأراد بالكلمات أمره ونهيه ووعده ووعيده ، ( صدقا وعدلا ) أي : صدقا في الوعد والوعيد ، وعدلا في الأمر والنهي ، قال قتادة ومقاتل : صادقا فيما وعد وعدلا فيما حكم ، ( لا مبدل لكلماته ) قال ابن عباس : لا راد لقضائه ولا مغير لحكمه ولا خلف لوعده ، ( وهو السميع العليم ) قيل : أراد بالكلمات القرآن لا مبدل له ، لا يزيد فيه المفترون ولا ينقصون .
وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)

{ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا } أي: صدقا في الأخبار، وعدلا في الأمر والنهي. فلا أصدق من أخبار الله التي أودعها هذا الكتاب العزيز، ولا أعدل من أوامره ونواهيه { لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } [حيث حفظها وأحكمها بأعلى أنواع الصدق، وبغاية الحق، فلا يمكن تغييرها، ولا اقتراح أحسن منها] { وَهُوَ السَّمِيعُ } لسائر الأصوات، باختلاف اللغات على تفنن الحاجات. { الْعَلِيمُ } الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن، والماضي والمستقبل.
وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)

قوله تعالى وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم قوله تعالى وتمت كلمة ربك قراءة أهل الكوفة بالتوحيد ، والباقون بالجمع . قال ابن عباس : مواعيد ربك ، فلا مغير لها . والكلمات ترجع إلى العبارات أو إلى المتعلقات من الوعد والوعيد وغيرهما . قال قتادة : الكلمات هي القرآن لا مبدل له ، لا يزيد فيه المفترون ولا ينقصون .
صدقا وعدلا أي فيما وعد وحكم ، لا راد لقضائه ولا خلف في وعده . وحكى الرماني عن قتادة : لا مبدل لها فيما حكم به ، أي إنه وإن أمكنه التغيير والتبديل في الألفاظ كما غير أهل الكتاب التوراة والإنجيل فإنه لا يعتد بذلك . ودلت الآية على وجوب اتباع دلالات القرآن ; لأنه حق لا يمكن تبديله بما يناقضه ، لأنه من عند حكيم لا يخفى عليه شيء من الأمور كلها .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features