أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)

القول في تأويل قوله : أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا (82)
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " أفلا يتدبرون القرآن "، أفلا يتدبر المبيتون غير الذي تقول لهم، يا محمد كتاب الله، فيعلموا حجّة الله عليهم في طاعتك واتباع أمرك، وأن الذي أتيتهم به من التنـزيل من عند ربهم، لاتِّساق معانيه، وائتلاف أحكامه، وتأييد بعضه بعضًا بالتصديق، وشهادة بعضه لبعض بالتحقيق، فإن ذلك لو كان من عند غير الله لاختلفت أحكامه، وتناقضت معانيه، وأبان بعضه عن فساد بعض، كما:-
9987 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا " أي: قول الله لا يختلف، وهو حق ليس فيه باطل، وإنّ قول الناس يختلف.
9988 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: إن القرآن لا يكذّب بعضه بعضًا، ولا ينقض بعضه بعضًا، ما جهل الناس من أمرٍ، (13) فإنما هو من تقصير عقولهم وجهالتهم! وقرأ: " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا ". قال: فحقٌّ على المؤمن أن يقول: كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، ويؤمن بالمتشابه، ولا يضرب بعضه ببعض= وإذا جهل أمرًا ولم يعرف أن يقول: (14) " الذي قال الله حق "، ويعرف أن الله تعالى لم يقل قولا وينقضه، (15) ينبغي أن يؤمن بحقيقة ما جاء من الله. (16)
9989 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قوله: " أفلا يتدبرون القرآن "، قال: " يتدبرون "، النظر فيه.
-----------------
الهوامش :
(13) في المطبوعة: "من أمره" ، وهو خطأ محض ، والصواب ما أثبت من المخطوطة.
(14) في المطبوعة والمخطوطة: "إذا جهل أمرًا" بإسقاط الواو ، وهو لا يستقيم. وهو معطوف على قوله: "فحق على المؤمن أن يقول...".
(15) في المطبوعة: "وينقض" والصواب من المخطوطة.
(16) في المطبوعة: "بحقية ما جاء من الله" ، وأثبت ما في المخطوطة.
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)

قوله تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن ) يعني : أفلا يتفكرون في القرآن ، والتدبر هو النظر في آخر الأمر ، ودبر كل شيء آخره . ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) أي تفاوتا وتناقضا كثيرا ، قاله ابن عباس ، وقيل : لوجدوا فيه أي : في الإخبار عن الغيب بما كان وبما يكون اختلافا كثيرا ، أفلا يتفكرون فيه فيعرفوا - بعدم التناقض فيه وصدق ما يخبر - أنه كلام الله تعالى لأن ما لا يكون من عند الله لا يخلو عن تناقض واختلاف .
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)

ثم عاب المنافقين بالإعراض عن التدبر في القرآن والتفكر فيه وفي معانيه . تدبرت الشيء فكرت في عاقبته . وفي الحديث لا تدابروا أي لا يولي بعضكم بعضا دبره . وأدبر القوم مضى أمرهم إلى آخره . والتدبير أن يدبر الإنسان أمره كأنه ينظر إلى ما تصير إليه عاقبته . ودلت هذه الآية وقوله تعالى : أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها على وجوب التدبر في القرآن ليعرف معناه . فكان في هذا رد على فساد قول من قال : لا يؤخذ من تفسيره إلا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنع أن يتأول على ما يسوغه لسان العرب . وفيه دليل على الأمر بالنظر والاستدلال وإبطال التقليد ، وفيه دليل على إثبات القياس .
قوله تعالى : ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا أي تفاوتا وتناقضا ؛ عن ابن عباس وقتادة وابن زيد . ولا يدخل في هذا اختلاف ألفاظ القراءات وألفاظ الأمثال والدلالات ومقادير السور والآيات . وإنما أراد اختلاف التناقض والتفاوت . وقيل : المعنى لو كان ما تخبرون به من عند غير الله لاختلف . وقيل : إنه ليس من متكلم يتكلم كلاما كثيرا إلا وجد في كلامه اختلاف كثير ، إما في الوصف واللفظ ؛ وإما في جودة المعنى ، وإما في التناقض ، وإما في الكذب . فأنزل الله عز وجل القرآن وأمرهم بتدبره ؛ لأنهم لا يجدون فيه اختلافا في وصف ولا ردا له في معنى ، ولا تناقضا ولا كذبا فيما يخبرون به من الغيوب وما يسرون .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features