هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)

القول في تأويل قوله تعالى : هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: أنّ من اتبع رضوان الله ومن باء بسخَط من الله، مختلفو المنازل عند الله. فلمن اتبع رضوان الله، الكرامةُ والثواب الجزيل، ولمن باء بسخط من الله، المهانةُ والعقاب الأليم، كما:-
8172- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون "، أي: لكلٍّ درجات مما عملوا في الجنة والنار، إنّ الله لا يخفى عليه أهل طاعته من أهل معصيته. (63) .
8173- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " هم درجات عند الله "، يقول: بأعمالهم.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: لهم درجات عند الله، يعني: لمن اتبع رضوان الله منازلُ عند الله كريمة.
*ذكر من قال ذلك:
8174- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " هم درجات عند الله "، قال: هي كقوله: ( " لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ " ).
8175- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " هم درجات عند الله "، يقول: لهم درجاتٌ عند الله.
* * *
وقيل: قوله " هم درجات " كقول القائل: " هم طبقات "، (64) كما قال ابن هَرْمة:
أرَجْمًــا لِلْمَنُــونِ يَكُــونُ قَـوْمي
لِــرَيْبِ الدَّهْــرِ أَمْ دَرَجُ السّــيولِ (65)
* * *
وأما قوله: " والله بصير بما يعملون "، فإنه يعني: والله ذو علم بما يعمل أهل طاعته ومعصيته، لا يخفى عليه من أعمالهم شيء، يحصى على الفريقين جميعًا أعمالهم، حتى توفى كل نفس منهم جزاء ما كسبت من خير وشر، كما:-
8176- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " والله بصير بما يعملون "، يقول: إن الله لا يخفى عليه أهل طاعته من أهل معصيته. (66) .
-------------------
الهوامش :
(60) الأثر: 8171- سيرة ابن هشام 3: 124 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8168 ، وفي بعض لفظه اختلاف يسير.
(61) انظر تفسير"باء" فيما سلف 2: 138 ، 345 / ثم 7: 116.
(62) انظر تفسير"المصير" فيما سلف 3: 56 / 6 : 128 ، 317. وسياق الجملة: "وبئس المصير. . . جهنم" وما بينهما تفسير"المصير".
(63) الأثر: 8172- سيرة ابن هشام 3: 124 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8171.
(64) انظر تفسير درجة فيما سلف 4: 533 - 536.
(65) مضى تخريجه وشرحه فيما سلف 2:547 ، 548 ، والاستشهاد بهذا البيت لمعنى الدفع ، غريب من مثل أبي جعفر ، فراجع شرح البيت هناك.
(66) الأثر: 8176- سيرة ابن هشام 3: 124 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8172 ، وجزء منه.
هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)

( هم درجات عند الله ) يعني : ذوو درجات عند الله ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني من اتبع رضوان الله ومن باء بسخط من الله مختلفو المنازل عند الله فلمن اتبع رضوان الله الثواب العظيم ، ولمن باء بسخط من الله العذاب الأليم . ( والله بصير بما يعملون ) .
هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)

ثم قال : ( هم درجات عند الله ) قال الحسن البصري ومحمد بن إسحاق : يعني : أهل الخير وأهل الشر درجات ، وقال أبو عبيدة والكسائي : منازل ، يعني : متفاوتون في منازلهم ودرجاتهم في الجنة ودركاتهم في النار ، كما قال تعالى : ( ولكل درجات مما عملوا ) الآية [ الأنعام : 132 ] ، ولهذا قال : ( والله بصير بما يعملون ) أي : وسيوفيهم إياها ، لا يظلمهم خيرا ولا يزيدهم شرا ، بل يجازي كلا بعمله .
هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)

هم درجات عند الله أي ليس من اتبع رضوان الله كمن باء بسخط منه . قيل : هم درجات متفاوتة ، أي هم مختلفو المنازل عند الله ; فلمن اتبع رضوانه الكرامة والثواب العظيم ، ولمن باء بسخط منه المهانة والعذاب الأليم . ومعنى هم درجات - أي ذوو درجات . أو على درجات ، أو في درجات ، أو لهم درجات . وأهل النار أيضا ذوو درجات ; كما قال : ( وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح ) . فالمؤمن والكافر لا يستويان في الدرجة ; ثم المؤمنون يختلفون أيضا ، فبعضهم أرفع درجة من بعض ، وكذلك الكفار . والدرجة الرتبة ، ومنه الدرج ; لأنه يطوى رتبة بعد رتبة . والأشهر في منازل جهنم دركات ; كما قال : إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار فلمن لم يغل درجات في الجنة ، ولمن غل دركات في النار . قال أبو عبيدة : جهنم أدراك ، أي منازل ; يقال لكل منزل منها : درك ودرك . والدرك إلى أسفل ، والدرج إلى أعلى .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features