اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)

أي: قال يوسف عليه السلام لإخوته: { اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا } لأن كل داء يداوى بضده، فهذا القميص - لما كان فيه أثر ريح يوسف، الذي أودع قلب أبيه من الحزن والشوق ما الله به عليم - أراد أن يشمه، فترجع إليه روحه، وتتراجع إليه نفسه، ويرجع إليه بصره، ولله في ذلك حكم وأسرار، لا يطلع عليها العباد، وقد اطلع يوسف من ذلك على هذا الأمر.
{ وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } أي: أولادكم وعشيرتكم وتوابعكم كلهم، ليحصل تمام اللقاء، ويزول عنكم نكد المعيشة، وضنك الرزق.
اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)

القول في تأويل قوله تعالى : اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)
قال أبو جعفر:ذكر أن يوسف صلى الله عليه وسلم لما عرّف نفسه إخوته ، سألهم عن أبيهم ، فقالوا: ذهب بصره من الحزن! فعند ذلك أعطاهم قميصَه وقال لهم: ( اذهبوا بقميصي هذا ) .
* * *
*ذكر من قال ذلك:
19800- حدثنا ابن وكيع ، قال، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال: قال لهم يوسف:ما فعل أبي بعدي؟ قالوا:لما فاته بنيامين عمي من الحزن. قال: ( اذهبوا بقميصي هذا فألقوا على وجه أبي يأت بصيرًا وأتوني بأهلكم أجمعين ).
* * *
وقوله: ( يأت بصيرًا ) يقول:يَعُدْ بصيرًا (27) ، ( وأتوني بأهلكم أجمعين ) ، يقول: وجيئوني بجميع أهلكم .
* * *
----------------------
الهوامش:
(27) هذا معنى يقيد في معاجم اللغة ، في باب" أتى" ، بمعنى : عاد ، وهو معنى عزيز لم يشر إليه أحد من أصحاب المعاجم التي بين أيدينا .
اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)

قوله تعالى : اذهبوا بقميصي هذا نعت للقميص ، والقميص مذكر ، فأما قول الشاعر :
تدعو هوازن والقميص مفاضة فوق النطاق تشد بالأزرار
فتقديره : والقميص درع مفاضة . قاله النحاس . وقال ابن السدي عن أبيه عن مجاهد : قال لهم يوسف : اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا قال : كان يوسف أعلم بالله من أن يعلم أن قميصه يرد على يعقوب بصره ، ولكن ذلك قميص إبراهيم الذي ألبسه الله في النار من حرير الجنة ، وكان كساه إسحاق ، وكان إسحاق كساه يعقوب ، وكان يعقوب أدرج ذلك القميص في قصبة من فضة وعلقه في عنق يوسف ، لما كان يخاف عليه من العين ، وأخبره جبريل بأن أرسل قميصك فإن فيه ريح الجنة ، وإن ريح الجنة لا يقع على سقيم ولا مبتلى إلا عوفي . وقال الحسن : لولا أن الله تعالى أعلم يوسف بذلك لم يعلم أنه يرجع إليه بصره ، وكان الذي حمل قميصه يهوذا ، قال ليوسف : أنا الذي حملت إليه قميصك بدم كذب فأحزنته ، وأنا الذي أحمله الآن لأسره ، وليعود إليه بصره ، فحمله ; حكاه السدي . وأتوني بأهلكم أجمعين لتتخذوا مصر دارا . قال مسروق : فكانوا ثلاثة وتسعين ، ما بين رجل وامرأة . وقد قيل : إن القميص الذي بعثه هو القميص الذي قد من دبره ، ليعلم يعقوب أنه عصم من الزنا ; والقول الأول أصح ، وقد روي مرفوعا من حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكره القشيري والله أعلم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features