قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73)

{ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ } فإن أمره لا عجب فيه، لنفوذ مشيئته التامة في كل شيء، فلا يستغرب على قدرته شيء، وخصوصا فيما يدبره ويمضيه، لأهل هذا البيت المبارك.
{ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ } أي: لا تزال رحمته وإحسانه وبركاته، وهي: الزيادة من خيره وإحسانه، وحلول الخير الإلهي على العبد { عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } أي: حميد الصفات، لأن صفاته صفات كمال، حميد الأفعال لأن أفعاله إحسان، وجود، وبر، وحكمة، وعدل، وقسط.
مجيد، والمجد: هو عظمة الصفات وسعتها، فله صفات الكمال، وله من كل صفة كمال أكملها وأتمها وأعمها.
قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73)

(قالوا أتعجبين من أمر الله) ، يقول الله تعالى ذكره: قالت الرسل لها: أتعجبين من أمرٍ أمر الله به أن يكون ، وقضاء قضاه الله فيك وفي بعلك.
* * *
، وقوله: (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت)، يقول: رحمة الله وسعادته لكم أهل بيت إبراهيم (4) ، وجعلت الألف واللام خلفًا من الإضافة ، وقوله: (إنه حَميدٌ مجيد)، يقول: إن الله محمود في تفضله عليكم بما تفضل به من النعم عليكم وعلى سائر خلقه (5) ، (مجيد) ، يقول: ذو مجد ومَدْح وَثَناء كريم.
* * *
يقال في " فعل " منه: " مجد الرجل يمجد مجادة " إذا صار كذلك، وإذا أردت أنك مدحته قلت: " مجّدته تمجيدًا ".
-----------------------------
الهوامش :
(4) انظر تفسير " البركات " فيما سلف من فهارس اللغة ( برك ) .
(5) انظر تفسير " الحميد " فيما سلف 5 : 570 / 9 : 296 .
قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73)

قوله تعالى : قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : قالوا أتعجبين من أمر الله لما قالت : وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا وتعجبت ، أنكرت الملائكة عليها تعجبها من أمر الله ، أي من قضائه . وقدره ، أي لا عجب من أن يرزقكما الله الولد ، وهو إسحاق . وبهذه الآية استدل كثير من العلماء على أن الذبيح إسماعيل ، وأنه أسن من إسحاق ; لأنها بشرت بأن إسحاق يعيش حتى يولد له يعقوب . وسيأتي الكلام في هذا ; وبيانه في " الصافات " إن شاء الله تعالى .
الثانية : قوله تعالى : " رحمة الله وبركاته " مبتدأ ، والخبر " عليكم " . وحكى سيبويه عليكم بكسر الكاف لمجاورتها الياء . وهل هو خبر أو دعاء ؟ وكونه إخبارا أشرف ; لأن ذلك يقتضي حصول الرحمة والبركة لهم ، المعنى : أوصل الله لكم رحمته وبركاته أهل البيت . وكونه دعاء إنما يقتضي أنه أمر يترجى ولم يتحصل بعد . نصب " أهل البيت " على الاختصاص ; وهذا مذهب سيبويه . وقيل : على النداء .
الثالثة : هذه الآية تعطي أن زوجة الرجل من أهل البيت ; فدل هذا على أن أزواج الأنبياء من أهل البيت ; فعائشة - رضي الله عنها - وغيرها من جملة أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ; ممن قال الله فيهم : ويطهركم تطهيرا وسيأتي
الرابعة : ودلت الآية أيضا على أن منتهى السلام وبركاته كما أخبر الله عن صالحي عباده رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت . والبركة النمو والزيادة ; ومن تلك البركات أن جميع الأنبياء والمرسلين كانوا في ولد إبراهيم وسارة . وروى مالك عن وهب بن كيسان أبي نعيم عن محمد بن عمرو بن عطاء قال : كنت جالسا عند عبد الله بن عباس فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ; ثم زاد شيئا مع ذلك ; فقال ، ابن عباس - وهو يومئذ قد ذهب بصره - من هذا ؟ فقالوا اليماني الذي يغشاك ، فعرفوه إياه ، فقال : ( إن السلام انتهى إلى البركة ) . وروي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : دخلت المسجد فإذا أنا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في عصبة من أصحابه ، فقلت : السلام عليكم ; فقال : ( وعليك السلام ورحمة الله عشرون لي وعشرة لك ) . قال : ودخلت الثانية ; فقلت : السلام عليكم ورحمة الله فقال : ( وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ثلاثون لي وعشرون لك ) . فدخلت الثالثة فقلت : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : فقال : ( وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ثلاثون لي وثلاثون لك أنا وأنت في السلام سواء ) .
إنه حميد مجيد أي محمود ماجد . وقد بيناهما في " الأسماء الحسنى " .
قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73)

( قالوا ) يعني الملائكة ، ( أتعجبين من أمر الله ) معناه : لا تعجبي من أمر الله ، فإن الله عز وجل إذا أراد شيئا كان . ( رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ) أي : بيت إبراهيم عليه السلام . قيل : هذا على معنى الدعاء من الملائكة ، وقيل : معنى الخير والرحمة والنعمة . والبركات جمع البركة ، وهي ثبوت الخير . وفيه دليل على أن الأزواج من أهل البيت .
( إنه حميد مجيد ) فالحميد : المحمود في أفعاله ، والمجيد : الكريم ، وأصل المجد الرفعة .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features