فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)

{ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ } أي: كيف يخطر هذا ببالكم، وأين عزبت عنكم أذهانكم؟ حتى جعلتم الحق الذي هو في أعلى درجات الصدق بمنزلة الكذب، الذي هو أنزل ما يكون [وأرذل] وأسفل الباطل؟ هل هذا إلا من انقلاب الحقائق.
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)

وقوله: ( فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ) ؟ يقول تعالى ذكره: فأين تذهبون عن هذا القرآن وتعدلون عنه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ) يقول: فأين تعدلون عن كتابي وطاعتي . وقيل: ( فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ) ولم يقل: فإلى أين تذهبون، كما يقال: ذهبت الشأم وذهبت السوق. وحُكي عن العرب سماعا: انطلق به الغَوْرَ، على معنى إلغاء الصفة، وقد ينشد لبعض بني عُقَيل:
تَصِيــحُ بِنــا حَنِيفــةُ إذْ رأتْنــا
وأيَّ الأرْضِ تَـــذْهَبُ للصَّيـــاح (12)
بمعنى: إلى أيّ الأرض تذهب واستجيز إلغاء الصفة في ذلك للاستعمال.
-------------------
الهوامش :
(12) البيت لبعض بني عقيل . قال الفراء في معاني القرآن ( 360 ) وقوله : { فأين تذهبون } العرب تقول : إلى أين تذهب ؟ وأين تذهب ؟ ويقولون : ذهبت الشام ، وذهبت السوق ، وانطلقت الشام ، وانطلقت السوق ، وخرجت الشام . سمعناه في هذه الأحرف الثلاثة : خرجت ، وانطلقت ، وذهبت . وقال الكسائي : سمعت العرب تقول : انظلقت به الغور ، فتنصب على معنى إلقاء الصفة ( حرف الجر عند الكوفيين ) ، وأنشدني بعض بني عقيل : " تصيح بنا حنيفة ... " البيت . يريد إلى أي الأرض تذهب ؟ واستجازوا في هؤلاء الأحرف إلقاء " إلى " لكثرة استعمالهم إياها . قلت : النحويون منعوا نصب اسم المكان على الظرفية ، إذا كان خاصا ( له صورة وحدود محصورة ، وأوجبوا الجر فيه بحرف الجر ، واستثنوا هذه الأحرف التي ذكرها الفراء إذ ورد السماع بها عن العرب بدون حرف الجر ) . وهو كما قال
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)

"فأين تذهبون"، أي أين تعدلون عن هذا القرآن، وفيه الشفاء والبيان؟ قال الزجاج: أي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم.
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)

وقوله ( فأين تذهبون ) ؟ أي : فأين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن مع ظهوره ووضوحه وبيان كونه جاء من عند الله عز وجل كما قال الصديق رضي الله عنه لوفد بني حنيفة حين قدموا مسلمين وأمرهم فتلوا عليه شيئا من قرآن مسيلمة الذي هو في غاية الهذيان والركاكة فقال : ويحكم أين يذهب بعقولكم ؟ والله إن هذا الكلام لم يخرج من إل أي من إله
وقال قتادة ( فأين تذهبون ) أي عن كتاب الله وعن طاعته .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features