قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)

فـ { قَالَ } لهم يوسف عليه السلام، كرما وجودا: { لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ } أي: لا أثرب عليكم ولا ألومكم { يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } فسمح لهم سماحا تاما، من غير تعيير لهم على ذكر الذنب السابق، ودعا لهم بالمغفرة والرحمة، وهذا نهاية الإحسان، الذي لا يتأتى إلا من خواص الخلق وخيار المصطفين.
قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)

قوله تعالى : قال لا تثريب عليكم اليوم أي قال يوسف - وكان حليما موفقا : لا تثريب عليكم اليوم وتم الكلام . ومعنى " اليوم " : الوقت . والتثريب التعيير والتوبيخ ، أي لا تعيير ولا توبيخ ولا لوم عليكم اليوم ; قال سفيان الثوري وغيره ; ومنه قوله - عليه السلام - : إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها أي لا يعيرها ; وقال بشر :
فعفوت عنهم عفو غير مثرب وتركتهم لعقاب يوم سرمد
وقال الأصمعي : ثربت عليه وعربت عليه بمعنى إذا قبحت عليه فعله . وقال الزجاج : المعنى لا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة ، وحق الإخوة ، ولكم عندي العفو والصفح ; وأصل التثريب الإفساد ، وهي لغة أهل الحجاز . وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بعضادتي الباب يوم فتح مكة ، وقد لاذ الناس بالبيت فقال : الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم قال : ماذا تظنون يا معشر قريش قالوا : خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم وقد قدرت ; قال : " وأنا أقول كما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم " فقال عمر - رضي الله عنه - : ففضت عرقا من الحياء من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك أني قد كنت قلت لهم حين دخلنا مكة : اليوم ننتقم منكم ونفعل ، فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال استحييت من قولي .
يغفر الله لكم مستقبل فيه معنى الدعاء ; سأل الله أن يستر عليهم ويرحمهم . وأجاز الأخفش الوقف على " عليكم " والأول هو المستعمل ; فإن في الوقف على " عليكم " والابتداء ب اليوم يغفر الله لكم جزما بالمغفرة في اليوم ، وذلك لا يكون إلا عن وحي ، وهذا بين . وقال عطاء الخراساني : طلب الحوائج من الشباب أسهل منه من الشيوخ ; ألم تر قول يوسف : لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وقال يعقوب : سوف أستغفر لكم ربي .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features