وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)

وأما من نظر إلى عاجل طفيف منقطع، يفوت نعيما عظيما باقيا فأنى له العقل والرأي؟ وإنما العقلاء حقيقة من وصفهم اللّه بقوله وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ أي: يتمسكون به علما وعملا فيعلمون ما فيه من الأحكام والأخبار، التي علمها أشرف العلوم. ويعلمون بما فيها من الأوامر التي هي قرة العيون وسرور القلوب، وأفراح الأرواح، وصلاح الدنيا والآخرة. ومن أعظم ما يجب التمسك به من المأمورات، إقامة الصلاة، ظاهرا وباطنا، ولهذا خصها الله بالذكر لفضلها، وشرفها، وكونها ميزان الإيمان، وإقامتها داعية لإقامة غيرها من العبادات. ولما كان عملهم كله إصلاحا، قال تعالى: إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ في أقوالهم وأعمالهم ونياتهم، مصلحين لأنفسهم ولغيرهم. وهذه الآية وما أشبهها دلت على أن اللّه بعث رسله عليهم الصلاة والسلام بالصلاح لا بالفساد، وبالمنافع لا بالمضار، وأنهم بعثوا بصلاح الدارين، فكل من كان أصلح، كان أقرب إلى اتباعهم.
وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)

قوله تعالى والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين قوله تعالى : والذين يمسكون بالكتاب أي بالتوراة ، أي بالعمل بها ; يقال : مسك به وتمسك به أي استمسك به . وقرأ أبو العالية وعاصم في رواية أبي بكر ( يمسكون ) بالتخفيف من أمسك يمسك . والقراءة الأولى أولى ; لأن فيها معنى التكرير والتكثير للتمسك بكتاب الله تعالى وبدينه فبذلك يمدحون . فالتمسك بكتاب الله والدين يحتاج إلى الملازمة والتكرير لفعل ذلك . وقال كعب بن زهير :
فما تمسك بالعهد الذي زعمت إلا كما تمسك الماء الغرابيل
فجاء به على طبعه يذم بكثرة نقض العهد .
وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)

فقال تعالى ( والذين يمسكون بالكتاب ) أي : اعتصموا به واقتدوا بأوامره ، وتركوا زواجره ( وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين )
وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)

( والذين يمسكون بالكتاب ) قرأ أبو بكر عن عاصم : " يمسكون " بالتخفيف ، وقراءة العامة بالتشديد ، لأنه يقال : مسكت بالشيء ، ولا يقال أمسكت بالشيء ، إنما يقال : أمسكته ، وقرأ أبي بن كعب : " والذين تمسكوا بالكتاب " ، على الماضي وهو جيد لقوله تعالى : ( وأقاموا الصلاة ) إذ قل ما يعطف ماض على مستقبل إلا في المعنى ، وأراد الذين يعملون بما في الكتاب ، قال مجاهد : هم المؤمنون من أهل الكتاب ، عبد الله بن سلام وأصحابه ، تمسكوا بالكتاب الذي جاء به موسى فلم يحرفوه ولم يكتموه ولم يتخذوه مأكلة . وقال عطاء : هم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - . ( وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين )
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features