إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (73)

{ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا } أي: كفرنا ومعاصينا، فإن الإيمان مكفر للسيئات، والتوبة تجب ما قبلها، وقولهم، { وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ } الذي عارضنا به الحق، هذا دليل على أنهم غير مختارين في عملهم المتقدم، وإنما أكرههم فرعون إكراها.
والظاهر -والله أعلم- أن موسى لما وعظهم كما تقدم في قوله: { وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ } أثر معهم، ووقع منهم موقعا كبيرا، ولهذا تنازعوا بعد هذا الكلام والموعظة، ثم إن فرعون ألزمهم ذلك، وأكرههم على المكر الذي أجروه، ولهذا تكلموا بكلامه السابق قبل إتيانهم، حيث قالوا: { إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا } فجروا على ما سنه لهم، وأكرههم عليه، ولعل هذه النكتة، التي قامت بقلوبهم من كراهتهم لمعارضة الحق بالباطل وفعلهم، ما فعلوا على وجه الإغماض، هي التي أثرت معهم، ورحمهم الله بسببها، ووفقهم للإيمان والتوبة، { والله خير } مما وعدتنا من الأجر والمنزلة والجاه، وأبقى ثوابا وإحسانا لا ما يقول فرعون: { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى } يريد أنه أشد عذابا وأبقى. وجميع ما أتى من قصص موسى مع فرعون، يذكر الله فيه إذا أتى على قصة السحرة، أن فرعون توعدهم بالقطع والصلب، ولم يذكر أنه فعل ذلك، ولم يأت في ذلك حديث صحيح، والجزم بوقوعه، أو عدمه، يتوقف على الدليل، والله أعلم بذلك وغيره، ولكن توعده إياهم بذلك مع اقتداره، دليل على وقوعه، ولأنه لو لم يقع لذكره الله، ولاتفاق الناقلين على ذلك.
إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (73)

إنا آمنا بربنا أي صدقنا بالله وحده لا شريك له وما جاءنا به موسى . ليغفر لنا خطايانا يريدون الشرك الذي كانوا عليه . وما أكرهتنا عليه من السحر ما في موضع نصب معطوفة على الخطايا . وقيل : لا موضع لها وهي نافية ؛ أي ليغفر لنا خطايانا من السحر وما أكرهتنا عليه . النحاس : والأول أولى . المهدوي : وفيه بعد ؛ لقولهم : إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين وليس هذا بقول مكرهين ؛ ولأن الإكراه ليس بذنب ، وإن كان يجوز أن يكونوا أكرهوا على تعليمه صغارا . قال الحسن : كانوا يعلمون السحر أطفالا ثم عملوه مختارين بعد . ويجوز أن يكون ما في موضع رفع بالابتداء ويضمر الخبر ، والتقدير : وما أكرهتنا عليه من السحر موضوع عنا . و من السحر على هذا القول والقول الأول يتعلق ب ( أكرهتنا ) . وعلى أن ما نافية يتعلق ب ( خطايانا ) . والله خير وأبقى أي ثوابه خير وأبقى فحذف المضاف ؛ قاله ابن عباس . وقيل : الله خير لنا منك وأبقى عذابا لنا من عذابك لنا . وهو جواب قوله : ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى وقيل : الله خير لنا إن أطعناه ، وأبقى عذابا منك إن عصيناه .
إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (73)

( إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر ) فإن قيل : كيف قالوا هذا ، وقد جاءوا مختارين يحلفون بعزة فرعون أن لهم الغلبة؟ .
قيل : روي عن الحسن أنه قال : كان فرعون يكره قوما على تعلم السحر لكيلا يذهب أصله ، وقد كان أكرههم في الابتداء .
وقال مقاتل : كانت السحرة اثنين وسبعين ، اثنان من القبط وسبعون من بني إسرائيل ، كان فرعون أكره الذين هم من بني إسرائيل على تعلم السحر ، فذلك قولهم : ( وما أكرهتنا عليه من السحر )
وقال عبد العزيز بن أبان : قالت السحرة لفرعون : أرنا موسى إذا نام ، فأراهم موسى نائما وعصاه تحرسه ، فقالوا لفرعون إن هذا ليس بساحر ، إن الساحر إذا نام بطل سحره ، فأبى عليهم إلا أن يتعلموا ، فذلك قوله تعالى : ( وما أكرهتنا عليه من السحر )
( والله خير وأبقى ) قال محمد بن إسحاق : خير منك ثوابا ، وأبقى عقابا .
وقال محمد بن كعب : خير منك ثوابا إن أطيع ، وأبقى منك عذابا إن عصي ، وهذا جواب لقوله : " ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى " .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features