وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)

{ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } أي: السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات.
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)

قوله تعالى : والسابقون السابقون روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : السابقون الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا سئلوه بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم ذكره المهدوي . وقال محمد بن كعب القرظي : إنهم الأنبياء . الحسن وقتادة : السابقون إلى الإيمان من كل أمة . ونحوه عن عكرمة . محمد بن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين ، دليله قوله تعالى : والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار . وقال مجاهد وغيره : هم السابقون إلى الجهاد ، وأول الناس رواحا إلى الصلاة . وقال علي رضي الله عنه : هم السابقون إلى الصلوات الخمس . الضحاك : إلى الجهاد . سعيد بن جبير : إلى التوبة وأعمال البر ، قال الله تعالى : وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ثم أثنى عليهم فقال : أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون . وقيل : إنهم أربعة ، منهم سابق أمة موسى وهو حزقيل مؤمن آل فرعون ، وسابق أمة عيسى وهو حبيب النجار صاحب أنطاكية ، وسابقان في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ؛ قاله ابن عباس ؛ حكاه الماوردي . وقال شميط بن العجلان : الناس ثلاثة ، فرجل ابتكر للخير في حداثة سنه داوم عليه حتى خرج من الدنيا فهذا هو السابق المقرب ، ورجل ابتكر عمره بالذنوب ثم طول الغفلة ثم رجع بتوبته حتى ختم له بها فهذا من أصحاب اليمين ، ورجل ابتكر عمره بالذنوب ثم لم يزل عليها حتى ختم له بها فهذا من أصحاب الشمال . وقيل : هم كل من سبق إلى شيء من أشياء الصلاح . ثم قيل : السابقون رفع بالابتداء والثاني توكيد له والخبر أولئك المقربون وقال الزجاج : السابقون رفع بالابتداء والثاني خبره ، والمعنى : السابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمة الله
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)

( والسابقون السابقون ) قال ابن عباس : السابقون إلى الهجرة هم السابقون في الآخرة . وقال عكرمة : السابقون إلى الإسلام . قال ابن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين ، دليله : قوله : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار " ( التوبة - 100 ) .
قال الربيع بن أنس : السابقون إلى إجابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا هم السابقون إلى الجنة في العقبى .
وقال مقاتل : إلى إجابة الأنبياء بالإيمان .
وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : إلى الصلوات الخمس . وقال الضحاك : إلى الجهاد .
وقال سعيد بن جبير : هم المسارعون إلى التوبة وإلى أعمال البر . قال الله تعالى : " سابقوا إلى مغفرة من ربكم " ( الحديد - 21 ) " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم " ( آل عمران - 133 )
ثم أثنى عليهم فقال : أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون " قال ابن كيسان : والسابقون إلى كل ما دعا الله إليه .
وروي عن كعب قال : هم أهل القرآن المتوجون يوم القيامة . وقيل : هم أولهم رواحا إلى المسجد وأولهم خروجا في سبيل الله . وقال القرظي : إلى كل خير .
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى ، حدثنا البراء الغنوي ، حدثنا الحسن ، عن معاذ بن جبل ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : ( وأصحاب اليمين ) ، ( وأصحاب الشمال ) فقبض بيده قبضتين فقال : " هذه للجنة ولا أبالي ، وهذه للنار ولا أبالي " .
وقال أحمد أيضا : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أتدرون من السابقون إلى ظل يوم القيامة ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " .
وقال محمد بن كعب وأبو حرزة يعقوب بن مجاهد : ( والسابقون السابقون ) : هم الأنبياء ، عليهم السلام . وقال السدي : هم أهل عليين . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( والسابقون السابقون ) ، قال : يوشع بن نون ، سبق إلى موسى ، ومؤمن آل " يس " ، سبق إلى عيسى ، وعلي بن أبي طالب ، سبق إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن هارون الفلاس ، عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزاز ، عن شعيب بن الضحاك المدائني ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح به .
وقال ابن أبي حاتم : وذكر محمد بن أبي حماد ، حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن قرة ، عن ابن سيرين : ( والسابقون السابقون ) الذين صلوا للقبلتين .
ورواه ابن جرير من حديث خارجة ، به .
وقال الحسن وقتادة : ( والسابقون السابقون ) أي : من كل أمة .
وقال الأوزاعي ، عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) ثم قال : أولهم رواحا إلى المسجد ، وأولهم خروجا في سبيل الله .
وهذه الأقوال كلها صحيحة ، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا ، كما قال تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض ) [ آل عمران : 133 ] ، وقال : ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) [ الحديد : 22 ] ، فمن سابق إلى هذه الدنيا وسبق إلى الخير ، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان ; ولهذا قال تعالى : ( أولئك المقربون في جنات النعيم ) .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا القزاز الرازي ، حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال : قالت الملائكة : يا رب ، جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ، فاجعل لنا الآخرة . فقال : لا أفعل . فراجعوا ثلاثا ، فقال : لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له : كن ، فكان . ثم قرأ عبد الله : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ) .
وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه : " الرد على الجهمية " ، ولفظه : فقال الله عز وجل : " لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ، كمن قلت له : كن فكان " .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features