إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190)

يخبر تعالى: { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب } وفي ضمن ذلك حث العباد على التفكر فيها، والتبصر بآياتها، وتدبر خلقها، وأبهم قوله: { آيات } ولم يقل: "على المطلب الفلاني" إشارة لكثرتها وعمومها، وذلك لأن فيها من الآيات العجيبة ما يبهر الناظرين، ويقنع المتفكرين، ويجذب أفئدة الصادقين، وينبه العقول النيرة على جميع المطالب الإلهية، فأما تفصيل ما اشتملت عليه، فلا يمكن لمخلوق أن يحصره، ويحيط ببعضه، وفي الجملة فما فيها من العظمة والسعة، وانتظام السير والحركة، يدل على عظمة خالقها، وعظمة سلطانه وشمول قدرته. وما فيها من الإحكام والإتقان، وبديع الصنع، ولطائف الفعل، يدل على حكمة الله ووضعه الأشياء مواضعها، وسعة علمه. وما فيها من المنافع للخلق، يدل على سعة رحمة الله، وعموم فضله، وشمول بره، ووجوب شكره. وكل ذلك يدل على تعلق القلب بخالقها ومبدعها، وبذل الجهد في مرضاته، وأن لا يشرك به سواه، ممن لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. وخص الله بالآيات أولي الألباب، وهم أهل العقول؛ لأنهم هم المنتفعون بها، الناظرون إليها بعقولهم لا بأبصارهم.
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190)

قال الطبراني : حدثنا الحسن بن إسحاق التستري ، حدثنا يحيى الحماني ، حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أتت قريش اليهود فقالوا : بم جاءكم موسى ؟ قالوا : عصاه ويده بيضاء للناظرين . وأتوا النصارى فقالوا : كيف كان عيسى ؟ قالوا : كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى : فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا . فدعا ربه ، فنزلت هذه الآية : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) فليتفكروا فيها . وهذا مشكل ، فإن هذه الآية مدنية . وسؤالهم أن يكون الصفا ذهبا كان بمكة . والله أعلم .
ومعنى الآية أنه يقول تعالى : ( إن في خلق السماوات والأرض ) أي : هذه في ارتفاعها واتساعها ، وهذه في انخفاضها وكثافتها واتضاعها وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات ، وثوابت وبحار ، وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار ، وحيوان ومعادن ومنافع ، مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص ( واختلاف الليل والنهار ) أي : تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر ، فتارة يطول هذا ويقصر هذا ، ثم يعتدلان ، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيرا ، ويقصر الذي كان طويلا وكل ذلك تقدير العزيز الحكيم ، ولهذا قال : ( لأولي الألباب ) أي العقول التامة الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها ، وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون الذين قال الله [ تعالى ] فيهم : ( وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) [ يوسف : 105 ، 106 ] .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features