قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ (50)

فأجاب موسى بجواب شاف كاف واضح، فقال: { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } أي: ربنا الذي خلق جميع المخلوقات، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به، الدال على حسن صنعه من خلقه، من كبر الجسم وصغره وتوسطه، وجميع صفاته، { ثُمَّ هَدَى } كل مخلوق إلى ما خلقه له، وهذه الهداية العامة المشاهدة في جميع المخلوقات فكل مخلوق، تجده يسعى لما خلق له من المنافع، وفي دفع المضار عنه، حتى إن الله تعالى أعطى الحيوان البهيم من العقل، ما يتمكن به على ذلك.وهذا كقوله تعالى: { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } فالذي خلق المخلوقات، وأعطاها خلقها الحسن، الذي لا تقترح العقول فوق حسنه، وهداها لمصالحها، هو الرب على الحقيقة، فإنكاره إنكار لأعظم الأشياء وجودا، وهو مكابرة ومجاهرة بالكذب، فلو قدر أن الإنسان، أنكر من الأمور المعلومة ما أنكر، كان إنكاره لرب العالمين أكبر من ذلك، ولهذا لما لم يمكن فرعون، أن يعاند هذا الدليل القاطع، عدل إلى المشاغبة، وحاد عن المقصود
قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ (50)

( قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) . قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس يقول : خلق لكل شيء زوجة .
وقال الضحاك عن ابن عباس : جعل الإنسان إنسانا ، والحمار حمارا ، والشاة شاة .
وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد : أعطى كل شيء صورته .
وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : سوى خلق كل دابة .
وقال سعيد بن جبير في قوله : ( أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) قال : أعطى كل ذي خلق ما يصلحه من خلقه ، ولم يجعل للإنسان من خلق الدابة ، ولا للدابة من خلق الكلب ، ولا للكلب من خلق الشاة ، وأعطى كل شيء ما ينبغي له من النكاح ، وهيأ كل شيء على ذلك ، ليس شيء منها يشبه شيئا من أفعاله في الخلق والرزق والنكاح .
وقال بعض المفسرين : ( أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) كقوله تعالى : ( والذي قدر فهدى ) [ الأعلى : 3 ] أي : قدر قدرا ، وهدى الخلائق إليه ، أي : كتب الأعمال والآجال والأرزاق ، ثم الخلائق ماشون على ذلك ، لا يحيدون عنه ، ولا يقدر أحد على الخروج منه . يقول : ربنا الذي خلق الخلق وقدر القدر ، وجبل الخليقة على ما أراد .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features