قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58)

ولذلك أمر تعالى بالفرح بذلك فقال‏:‏ ‏{‏قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ‏}‏ الذي هو القرآن، الذي هو أعظم نعمة ومنة، وفضل تفضل الله به على عباده ‏{‏وَبِرَحْمَتِهِ‏}‏ الدين والإيمان، وعبادة الله ومحبته ومعرفته‏.‏ ‏{‏فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ‏}‏ من متاع الدنيا ولذاتها‏.‏
فنعمة الدين المتصلة بسعادة الدارين، لا نسبة بينها، وبين جميع ما في الدنيا، مما هو مضمحل زائل عن قريب‏.‏
وإنما أمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته، لأن ذلك مما يوجب انبساط النفس ونشاطها، وشكرها لله تعالى، وقوتها، وشدة الرغبة في العلم والإيمان الداعي للازدياد منهما، وهذا فرح محمود، بخلاف الفرح بشهوات الدنيا ولذاتها، أو الفرح بالباطل، فإن هذا مذموم كما قال ‏[‏تعالى عن‏]‏ قوم قارون له‏:‏ ‏{‏لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ‏}‏ ‏.‏
وكما قال تعالى في الذين فرحوا بما عندهم من الباطل المناقض لما جاءت به الرسل‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ‏}
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58)

وقوله تعالى : ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) أي : بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق فليفرحوا ، فإنه أولى ما يفرحون به ، ( هو خير مما يجمعون ) أي : من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لا محالة ، كما قال ابن أبي حاتم ، في تفسير هذه الآية : " وذكر عن بقية - يعني ابن الوليد - عن صفوان بن عمرو ، سمعت أيفع بن عبد الكلاعي يقول : لما قدم خراج العراق إلى عمر ، رضي الله عنه ، خرج عمر ومولى له فجعل عمر يعد الإبل ، فإذا هي أكثر من ذلك ، فجعل عمر يقول : الحمد لله تعالى ، ويقول مولاه : هذا والله من فضل الله ورحمته . فقال عمر : كذبت . ليس هذا ، هو الذي يقول الله تعالى : ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) وهذا مما يجمعون .
وقد أسنده الحافظ أبو القاسم الطبراني ، فرواه عن أبي زرعة الدمشقي ، عن حيوة بن شريح ، عن بقية ، فذكره .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features