وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)

ولما ذكر عقاب الظالمين ذكر ثواب الطائعين فقال: { وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } أي: قاموا بالدين، قولا، وعملا، واعتقادا { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } فيها من اللذات والشهوات ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، { خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } أي: لا بحولهم وقوتهم بل بحول الله وقوته { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ } أي: يحيي بعضهم بعضا بالسلام والتحية والكلام الطيب.
وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)

ثم لما ذكر تعالى مآل الأشقياء وما صاروا إليه من الخزي والنكال . وأن خطيبهم إبليس ، عطف بحال السعداء وأنهم يدخلون يوم القيامة جنات تجري من تحتها الأنهار سارحة فيها حيث ساروا وأين ساروا ) خالدين فيها ) ماكثين أبدا لا يحولون ولا يزولون ، ( بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام ) كما قال تعالى : ( حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم ) [ الزمر : 73 ] ، وقال تعالى : ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم ) [ الرعد : 23 ، 24 ] وقال تعالى : ( ويلقون فيها تحية وسلاما ) [ الفرقان : 75 ] ، وقال : ( دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) [ يونس : 10 ] .
وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)

قال أبو جعفر : يقول عز ذكره: وأدخل الذين صدقوا الله ورسوله ، فأقرُّوا بوحدانية الله وبرسالة رُسله. وأنّ ما جاءت به من عند الله حق ( وعملوا الصالحات ) ، يقول: وعملوا بطاعة الله . فانتهوا إلى أمر الله ونهيه (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) ، بساتين تجري من تحتها الأنهار (خَالِدِينَ فِيهَا) ، يقول ماكثين فيها أبدًا (23) (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) ، يقول: أُدخلوها بأمر الله لهم بالدخول(تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ) ، (24) وذلك إن شاء الله كما:-
20657 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال ، قوله: (تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ) ، قال: الملائكة يسلِّمون عليهم في الجنة.
* * *
وقوله: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) ، يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تر ، يا محمد ، بعين قلبك ، (25) فتعلم كيف مثَّل الله مثَلا وشبَّه شبَهًا (26) (كَلِمَةً طَيِّبَةً) ، ويعني بالطيبة: الإيمانَ به جل ثناؤه ، (27) كشجرة طَيّبة الثمرة ، وترك ذكر " الثمرة " استغناء بمعرفة السَّامعين عن ذكرها بذكر " الشَّجرة ". وقوله: ( أصلها ثابت وفرعها في السماء) ، يقول عز ذكره: أصلُ هذه الشجرة ثابتٌ في الأرض " وفرعها " ، وهو أعلاها في " السماء " ، يقول: مرتفع علُوًّا نحوَ السماء. وقوله: ( تؤتي أكُلَهَا كل حين بإذن ربّها ) ، يقول: تطعم ما يؤكل منها من ثمرها كلّ حين بأمرِ ربها (28) (ويضرب الله الأمثال للناس ) ، يقول: ويمثِّل الله الأمثال للناس ، ويشبّه لهم الأشباهَ (29) ( لعلهم يتذكرون ) ، يقول: ليتذكروا حُجَّة الله عليهم ، فيعتبروا بها ويتعظوا ، فينـزجروا عما هم عليه من الكفر به إلى الإيمان. (30)
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في المعنى بالكلمة الطيبة .
فقال بعضهم: عُني بها إيمانُ المؤمن.
* ذكر من قال ذلك:
------------------------
الهوامش :
(23) قوله : " يقول : ماكثين فيها أبدًا " ، ساقط من المطبوعة .
(24) انظر تفسير ألفاظ الآية فيما سلف من فهارس اللغة ( أمن ) ، ( صلح ) ، ( جنن ) ، ( نهر ) ، ( خلد ) ، ( أذن ) .
وانظر تفسير " التحية " فيما سلف 8 : 586 .
(25) انظر تفسير " الرؤية " فيما سلف : 556 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(26) انظر تفسير " ضرب مثلا " فيما سلف 1 : 403 .
(27) انظر تفسير " الطيب " فيما سلف 13 : 165 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
(28) انظر تفسير " الأكل " فيما سلف : 472 ، تعليق 3 ، والمراجع هناك .
وتفسير " الإذن " فيما سلف من فهارس اللغة ( أذن ) .
(29) انظر تفسير "ضرب مثلا" فيما سلف 1:403.
(30) انظر تفسير " التذكر " فيما سلف من فهارس اللغة ( ذكر ) .
وانظر القول في " لعل " في مباحث العربية .
وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)

قوله عز وجل : ( وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام ) يسلم بعضهم على بعض ، وتسلم الملائكة عليهم .
وقيل : المحيي بالسلام هو الله عز وجل .
وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)

قوله تعالى : وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام
قوله تعالى : وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات أي في جنات لأن دخلت لا يتعدى ; كما لا يتعدى نقيضه وهو خرجت ، ولا يقاس عليه ; قاله المهدوي . ولما أخبر تعالى بحال أهل النار أخبر بحال أهل الجنة أيضا . وقراءة الجماعة أدخل على أنه فعل مبني للمفعول . وقرأ الحسن وأدخل على الاستقبال والاستئناف .
بإذن ربهم أي بأمره . وقيل : بمشيئته وتيسيره . وقال : " بإذن ربهم " ولم يقل : بإذني تعظيما وتفخيما .
تحيتهم فيها سلام تقدم في يونس والحمد لله .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features