۞ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)

يقول تعالى - مبينا حال المكذبين لرسوله من كفار قريش وما آل إليه أمرهم: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا } ونعمة الله هي إرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم، يدعوهم إلى إدراك الخيرات في الدنيا والآخرة وإلى النجاة من شرور الدنيا والآخرة، فبدلوا هذه النعمة بردها، والكفر بها والصد عنها بأنفسهم.
{ و } صدهم غيرهم حتى { أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ } وهي النار حيث تسببوا لإضلالهم، فصاروا وبالا على قومهم، من حيث يظن نفعهم، ومن ذلك أنهم زينوا لهم الخروج يوم " بدر " ليحاربوا الله ورسوله، فجرى عليهم ما جرى، وقتل كثير من كبرائهم وصناديدهم في تلك الوقعة.
۞ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)

قال البخاري : قوله : ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا ) ألم تعلم ؟ كقوله : ( ألم تر كيف ) [ إبراهيم : 24 ] ( ألم تر إلى الذين خرجوا ) [ البقرة : 243 ] البوار : الهلاك ، بار يبور بورا ، و ( قوما بورا ) [ الفرقان : 18 ، الفتح : 12 ] هالكين .
حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء سمع ابن عباس : ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا ) قال : هم كفار أهل مكة .
وقال العوفي ، عن ابن عباس في هذه الآية : هو جبلة بن الأيهم ، والذين اتبعوه من العرب ، فلحقوا بالروم . والمشهور الصحيح عن ابن عباس هو القول الأول ، وإن كان المعنى يعم جميع الكفار ; فإن الله تعالى بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين ، ونعمة للناس ، فمن قبلها وقام بشكرها دخل الجنة ، ومن ردها وكفرها دخل النار .
وقد روي عن علي نحو قول ابن عباس الأول ، قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا شعبة ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن أبي الطفيل : أن ابن الكواء سأل عليا عن ( الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ) قال : كفار قريش يوم بدر .
حدثنا المنذر بن شاذان ، حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا بسام - هو الصيرفي - عن أبي الطفيل قال : جاء رجل إلى علي فقال : يا أمير المؤمنين من الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ؟ قال : منافقو قريش .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن نفيل قال : قرأت على معقل ، عن ابن أبي حسين قال : قام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال : ألا أحد يسألني عن القرآن ، فوالله لو أعلم اليوم أحدا أعلم مني به - وإن كان من وراء البحار - لأتيته ؟ فقام عبد الله بن الكواء فقال : من الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ؟ فقال : مشركو قريش ، أتتهم نعمة الله : الإيمان ، فبدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار .
وقال العدوي في قوله : ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا ) الآية ، ذكر مسلم المستوفى عن علي أنه قال : هم الأفجران من قريش : بنو أمية ، وبنو المغيرة ، فأما بنو المغيرة فأحلوا قومهم دار البوار يوم بدر ، وأما بنو أمية فأحلوا قومهم دار البوار يوم أحد . وكان أبو جهل يوم بدر ، وأبو سفيان يوم أحد . وأما دار البوار فهي جهنم .
وقال ابن أبي حاتم - رحمه الله - : حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا الحارث بن منصور ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن مرة قال : سمعت عليا قرأ هذه الآية : ( وأحلوا قومهم دار البوار ) قال : هم الأفجران من قريش : بنو أمية وبنو المغيرة ، فأما بنو المغيرة فأهلكوا يوم بدر ، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين .
ورواه أبو إسحاق ، عن عمرو بن مرة ، عن علي ، نحوه ، وروي من غير وجه عنه .
وقال سفيان الثوري ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن سعد ، عن عمر بن الخطاب في قوله : ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا ) قال : هم الأفجران من قريش : بنو المغيرة وبنو أمية ، فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر ، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين .
وكذا رواه حمزة الزيات ، عن عمرو بن مرة قال : قال ابن عباس لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين ، هذه الآية : ( الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ) قال : هم الأفجران من قريش : أخوالي وأعمامك فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر ، وأما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين .
وقال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة بن زيد هم كفار قريش الذين قتلوا يوم بدر وكذا رواه مالك في تفسيره عن نافع ، عن ابن عمر .
۞ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)

قوله تعالى : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار
قوله تعالى : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا أي جعلوا بدل نعمة الله عليهم الكفر في تكذيبهم محمدا - صلى الله عليه وسلم - حين بعثه الله منهم وفيهم فكفروا ، والمراد مشركو قريش وأن الآية نزلت فيهم ; عن ابن عباس وعلي وغيرهما . وقيل : نزلت في المشركين الذين قاتلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر . قال أبو الطفيل : سمعت عليا - رضي الله عنه - يقول : هم قريش الذين نحروا يوم بدر . وقيل : نزلت في الأفجرين من قريش بني مخزوم وبني أمية ، فأما بنو أمية فمتعوا إلى حين ; وأما بنو مخزوم فأهلكوا يوم بدر ; قال علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - . وقول رابع : أنهم متنصرة العرب جبلة بن الأيهم وأصحابه حين لطم فجعل له عمر القصاص بمثلها ، فلم يرض وأنف فارتد متنصرا ولحق بالروم في جماعة من قومه ; عن ابن عباس وقتادة . ولما صار إلى بلد الروم ندم فقال :
تنصرت الأشراف من عار لطمة وما كان فيها لو صبرت لها ضرر تكنفني منها لجاج ونخوة
وبعت لها العين الصحيحة بالعور فيا ليتني أرعى المخاض ببلدة
ولم أنكر القول الذي قاله عمر
وقال الحسن : إنها عامة في جميع المشركين . وأحلوا قومهم أي أنزلوهم . قال ابن عباس : هم قادة المشركين يوم بدر .
وأحلوا قومهم أي الذين اتبعوهم .
دار البوار قيل : جهنم ; قال ابن زيد . وقيل : يوم بدر ; قال علي بن أبي طالب ومجاهد . والبوار الهلاك ; ومنه قول الشاعر :
فلم أر مثلهم أبطال حرب غداة الحرب إذ خيف البوار
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features