وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12)

يقول تعالى بعدما ذكر أن المعاهدين من المشركين إن استقاموا على عهدهم فاستقيموا لهم على الوفاء‏:‏ ‏{‏وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ نقضوها وحلوها، فقاتلوكم أو أعانوا على قتالكم، أو نقصوكم، ‏{‏وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ‏}‏ أي‏:‏ عابوه، وسخروا منه‏.‏ ويدخل في هذا جميع أنواع الطعن الموجهة إلى الدين، أو إلى القرآن، ‏{‏فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ‏}‏ أي‏:‏ القادة فيه، الرؤساء الطاعنين في دين الرحمن، الناصرين لدين الشيطان، وخصهم بالذكر لعظم جنايتهم، ولأن غيرهم تبع لهم، وليدل على أن من طعن في الدين وتصدى للرد عليه، فإنه من أئمة الكفر‏.‏ ‏{‏إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ لا عهود ولا مواثيق يلازمون على الوفاء بها، بل لا يزالون خائنين، ناكثين للعهد، لا يوثق منهم‏.‏ ‏{‏لَعَلَّهُمْ‏}‏ في قتالكم إياهم ‏{‏يَنْتَهُونَ‏}‏ عن الطعن في دينكم، وربما دخلوا فيه
وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12)

يقول تعالى : وإن نكث هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم على مدة معينة أيمانهم ، أي عهودهم ومواثيقهم ، ( وطعنوا في دينكم ) أي : عابوه وانتقصوه . ومن هاهنا أخذ قتل من سب الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، أو من طعن في دين الإسلام أو ذكره بتنقص ؛ ولهذا قال : ( فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ) أي : يرجعون عما هم فيه من الكفر والعناد والضلال .
وقد قال قتادة وغيره : أئمة الكفر كأبي جهل ، وعتبة ، وشيبة ، وأمية بن خلف ، وعدد رجالا .
وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال : مر سعد برجل من الخوارج ، فقال الخارجي : هذا من أئمة الكفر . فقال سعد : كذبت ، بل أنا قاتلت أئمة الكفر . رواه ابن مردويه .
وقال الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة أنه قال : ما قوتل أهل هذه الآية بعد .
وروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مثله .
والصحيح أن الآية عامة ، وإن كان سبب نزولها مشركي قريش ، فهي عامة لهم ولغيرهم ، والله أعلم .
وقال الوليد بن مسلم : حدثنا صفوان بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير : أنه كان في عهد أبي بكر - رضي الله عنه - إلى الناس حين وجههم إلى الشام ، قال : إنكم ستجدون قوما محوقة رءوسهم ، فاضربوا معاقد الشيطان منهم بالسيوف ، فوالله لأن أقتل رجلا منهم أحب إلي من أن أقتل سبعين من غيرهم ، وذلك بأن الله يقول : ( فقاتلوا أئمة الكفر ) رواه ابن أبي حاتم .
وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12)

قوله تعالى : ( وإن نكثوا أيمانهم ) نقضوا عهودهم ، ( من بعد عهدهم ) عقدهم ، يعني : مشركي قريش ، ( وطعنوا ) قدحوا ( في دينكم ) عابوه . فهذا دليل على أن الذمي إذا طعن في دين الإسلام ظاهرا لا يبقى له عهد ، ( فقاتلوا أئمة الكفر ) قرأ أهل الكوفة والشام : " أئمة " بهمزتين حيث كان ، وقرأ الباقون بتليين الهمزة الثانية . وأئمة الكفر : رؤوس المشركين وقادتهم من أهل مكة .
قال ابن عباس : نزلت في أبي سفيان بن حرب ، وأبي جهل بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وعكرمة بن أبي جهل ، وسائر رؤساء قريش يومئذ الذين نقضوا العهد ، وهم الذين هموا بإخراج الرسول وقال مجاهد : هم أهل فارس والروم .
وقال حذيفة بن اليمان : ما قوتل أهل هذه الآية ولم يأت أهلها بعد ( إنهم لا أيمان لهم ) أي : لا عهود لهم ، جمع يمين . قال قطرب : لا وفاء لهم بالعهد . وقرأ ابن عامر : " لا إيمان لهم " بكسر الألف ، أي : لا تصديق لهم ولا دين لهم . وقيل : هو من الأمان ، أي لا تؤمنوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ، ( لعلهم ينتهون ) أي : لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم والمظاهرة عليكم . وقيل : عن الكفر .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features