قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (5)

ولما بان تعبيرها ليوسف، قال له أبوه: { يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ْ} أي: حسدا من عند أنفسهم، أن تكون أنت الرئيس الشريف عليهم.
{ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ْ} لا يفتر عنه ليلا ولا نهارا، ولا سرا ولا جهارا، فالبعد عن الأسباب التي يتسلط بها على العبد أولى، فامتثل يوسف أمر أبيه، ولم يخبر إخوته بذلك، بل كتمها عنهم.
قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (5)

يقول تعالى مخبرا عن قول يعقوب لابنه يوسف حين قص عليه ما رأى من هذه الرؤيا ، التي تعبيرها خضوع إخوته له وتعظيمهم إياه تعظيما زائدا ، بحيث يخرون له ساجدين إجلالا وإكراما واحتراما فخشي يعقوب ، عليه السلام ، أن يحدث بهذا المنام أحدا من إخوته فيحسدوه على ذلك ، فيبغوا له الغوائل ، حسدا منهم له; ولهذا قال له : ( لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ) أي : يحتالوا لك حيلة يردونك فيها . ولهذا ثبتت السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إذا رأى أحدكم ما يحب فليحدث به ، وإذا رأى ما يكره فليتحول إلى جنبه الآخر وليتفل عن يساره ثلاثا ، وليستعذ بالله من شرها ، ولا يحدث بها أحدا ، فإنها لن تضره " . وفي الحديث الآخر الذي رواه الإمام أحمد ، وبعض أهل السنن ، من رواية معاوية بن حيدة القشيري أنه قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر ، فإذا عبرت وقعت " ومن هذا يؤخذ الأمر بكتمان النعمة حتى توجد وتظهر ، كما ورد في حديث : " استعينوا على قضاء الحوائج بكتمانها ، فإن كل ذي نعمة محسود "
قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (5)

( قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك ) وذلك أن رؤيا الأنبياء عليهم السلام وحي فعلم يعقوب أن الإخوة إذا سمعوها حسدوه فأمره بالكتمان ( فيكيدوا لك كيدا ) فيحتالوا في إهلاكك لأنهم يعلمون تأويلها فيحسدونك . واللام في قوله " لك " صلة ، كقوله تعالى : ( لربهم يرهبون ) ( الأعراف - 154 ) . وقيل : هو مثل قولهم نصحتك ونصحت لك ، وشكرتك وشكرت لك . ( إن الشيطان للإنسان عدو مبين ) أي : يزين لهم الشيطان ، ويحملهم على الكيد ، لعداوته القديمة .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنبأنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، أنبأنا شعبة عن عبد ربه بن سعيد ، قال : سمعت أبا سلمة ، قال : كنت أرى الرؤيا تهمني حتى سمعت أبا قتادة يقول : كنت أرى الرؤيا فتمرضني ، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " الرؤيا الصالحة من الله تعالى ، [ والحلم من الشيطان ] ، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب ، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ، ومن شر الشيطان وليتفل ثلاثا ، ولا يحدث به أحدا فإنها لن تضر " .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنبأنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، أنبأنا شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن عدس ، عن أبي رزين العقيلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الرؤيا جزء من أربعين أو ستة وأربعين جزءا من النبوة ، وهو على رجل طائر ، فإذا حدث بها وقعت " ، وأحسبه قال : " لا تحدث بها إلا حبيبا أو لبيبا " .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features