۞ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ (71)

يقول تعالى لنبيه‏:‏ واتل على قومك ‏{‏نَبَأَ نُوحٍ‏}‏ في دعوته لقومه، حين دعاهم إلى الله مدة طويلة، فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، فلم يزدهم دعاؤه إياهم إلا طغيانًا، فتمللوا منه وسئموا، وهو عليه الصلاة والسلام غير متكاسل، ولا متوان في دعوتهم، فقال لهم‏:‏ ‏{‏يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ إن كان مقامي عندكم، وتذكيري إياكم ما ينفعكم ‏{‏بِآيَاتِ اللَّهِ‏}‏ الأدلة الواضحة البينة، قد شق عليكم وعظم لديكم، وأردتم أن تنالوني بسوء أو تردوا الحق‏.‏ ‏{‏فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ‏}‏ أي‏:‏ اعتمدت على الله، في دفع كل شر يراد بي، وبما أدعو إليه، فهذا جندي، وعدتي‏.‏ وأنتم، فأتوا بما قدرتم عليه، من أنواع العَدَدَ والعُددَ‏.‏
{‏فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ‏}‏ كلكم، بحيث لا يتخلف منكم أحد، ولا تدخروا من مجهودكم شيئًا‏.‏
{‏و‏}‏ أحضروا ‏{‏شُرَكَاءَكُمْ‏}‏ الذي كنتم تعبدونهم وتوالونهم من دون الله رب العالمين‏.‏
{‏ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً‏}‏ أي‏:‏ مشتبهًا خفيًا، بل ليكن ذلك ظاهرًا علانية‏.‏
{‏ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ‏}‏ أي‏:‏ اقضوا علي بالعقوبة والسوء، الذي في إمكانكم، ‏{‏وَلَا تُنْظِرُونِ‏}‏ أي‏:‏ لا تمهلوني ساعة من نهار‏.‏ فهذا برهان قاطع، وآية عظيمة على صحة رسالته، وصدق ما جاء به، حيث كان وحده لا عشيرة تحميه، ولا جنود تؤويه‏.‏
وقد بادأ قومه بتسفيه آرائهم، وفساد دينهم، وعيب آلهتهم‏.‏ وقد حملوا من بغضه، وعداوته ما هو أعظم من الجبال الرواسي، وهم أهل القدرة والسطوة، وهو يقول لهم‏:‏ اجتمعوا أنتم وشركاؤكم ومن استطعتم، وأبدوا كل ما تقدرون عليه من الكيد، فأوقعوا بي إن قدرتم على ذلك، فلم يقدروا على شيء من ذلك‏.‏
فعلم أنه الصادق حقًا، وهم الكاذبون فيما يدعون
۞ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ (71)

يقول تعالى لنبيه ، صلوات الله وسلامه عليه : ( واتل عليهم ) أي : أخبرهم واقصص عليهم ، أي : على كفار مكة الذين يكذبونك ويخالفونك ( نبأ نوح ) أي : خبره مع قومه الذين كذبوه ، كيف أهلكهم الله ودمرهم بالغرق أجمعين عن آخرهم ، ليحذر هؤلاء أن يصيبهم من الهلاك والدمار ما أصاب أولئك . ( إذ قال لقومه ياقوم إن كان كبر عليكم ) أي : عظم عليكم ، ( مقامي ) أي فيكم بين أظهركم ، ( وتذكيري ) إياكم ( بآيات الله ) أي : بحججه وبراهينه ، ( فعلى الله توكلت ) أي : فإني لا أبالي ولا أكف عنكم سواء عظم عليكم أو لا ! ( فأجمعوا أمركم وشركاءكم ) أي : فاجتمعوا أنتم وشركاؤكم الذين تدعون من دون الله ، من صنم ووثن ، ( ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ) أي : ولا تجعلوا أمركم عليكم ملتبسا ، بل افصلوا حالكم معي ، فإن كنتم تزعمون أنكم محقون ، فاقضوا إلي ولا تنظرون ، أي : ولا تؤخروني ساعة واحدة ، أي : مهما قدرتم فافعلوا ، فإني لا أباليكم ولا أخاف منكم ، لأنكم لستم على شيء ، كما قال هود لقومه : ( إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ) [ هود : 54 - 56 ] .
۞ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ (71)

قوله تعالى : ( واتل عليهم نبأ نوح ) أي : اقرأ يا محمد على أهل مكة خبر نوح ( إذ قال لقومه ) وهم ولد قابيل ، ( يا قوم إن كان كبر عليكم ) عظم وثقل عليكم ، ( مقامي ) طول مكثي فيكم ( وتذكيري ) ووعظي إياكم ( بآيات الله ) بحججه وبيناته ، فعزمتم على قتلي وطردي ( فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم ) أي : أحكموا أمركم واعزموا عليه ، ( وشركاءكم ) أي : وادعوا شركاءكم ، أي : آلهتكم ، فاستعينوا بها لتجتمع معكم .
وقال الزجاج : معناه : فأجمعوا أمركم مع شركائكم ، فلما ترك " مع " انتصب . وقرأ يعقوب : " وشركاؤكم " رفع ، أي : فأجمعوا أمركم أنتم وشركاؤكم .
( ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ) أي : خفيا مبهما ، من قولهم : غم الهلال على الناس ، أي : أشكل عليهم ، ( ثم اقضوا إلي ) أي : أمضوا ما في أنفسكم وافرغوا منه ، يقال : قضى فلان إذا مات ومضى وقضى دينه إذا فرغ منه .
وقيل : معناه : توجهوا إلي بالقتل والمكروه .
وقيل فاقضوا ما أنتم قاضون ، وهذا مثل قول السحرة لفرعون : " فاقض ما أنت قاض " ( طه - 72 ) ، أي : اعمل ما أنت عامل .
( ولا تنظرون ) ولا تؤخرون وهذا على طريق التعجيز ، أخبر الله عن نوح أنه كان واثقا بنصر الله تعالى غير خائف من كيد قومه ، علما منه بأنهم وآلهتهم ليس إليهم نفع ولا ضر إلا أن يشاء الله .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features