قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31)

أي‏:‏ ‏{‏قل‏}‏ لهؤلاء الذين أشركوا بالله، ما لم ينزل به سلطانًا ـ محتجًا عليهم بما أقروا به من توحيد الربوبية، على ما أنكروه من توحيد الألوهية ـ ‏{‏مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ‏}‏ بإنزال الأرزاق من السماء، وإخراج أنواعها من الأرض، وتيسير أسبابها فيها‏؟‏
{‏أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ‏}‏ أي‏:‏ من هو الذي خلقهما وهو مالكهما‏؟‏، وخصهما بالذكر من باب التنبيه على المفضول بالفاضل، ولكمال شرفهما ونفعهما‏.‏
{‏وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ‏}‏ كإخراج أنواع الأشجار والنبات من الحبوب والنوى، وإخراج المؤمن من الكافر، والطائر من البيضة، ونحو ذلك، ‏{‏وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ‏}‏ عكس هذه المذكورات، ‏{‏وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ‏}‏ في العالم العلوي والسفلي، وهذا شامل لجميع أنواع التدابير الإلهية، فإنك إذا سألتهم عن ذلك ‏{‏فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ‏}‏ لأنهم يعترفون بجميع ذلك، وأن الله لا شريك له في شيء من المذكورات‏.‏
{‏فَقُلْ‏}‏ لهم إلزامًا بالحجة ‏{‏أَفَلَا تَتَّقُونَ‏}‏ الله فتخلصون له العبادة وحده لا شريك له، وتخلعون ما تعبدون من دونه من الأنداد والأوثان‏
قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31)

يحتج تعالى على المشركين باعترافهم بوحدانيته وربوبيته على وحدانية الإله فقال : ( قل من يرزقكم من السماء والأرض ) أي : من ذا الذي ينزل من السماء ماء المطر ، فيشق الأرض شقا بقدرته ومشيئته ، فيخرج منها ( حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا ) [ عبس : 27 - 31 ] ، أإله مع الله ؟ فسيقولون : الله ، ( أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) [ الملك : 21 ] ؟ ، وكذلك قوله : ( أمن يملك السمع والأبصار ) [ يونس : 31 ] ؟ ؟ أي : الذي وهبكم هذه القوة السامعة ، والقوة الباصرة ، ولو شاء لذهب بها ولسلبكم إياها ، كما قال تعالى : ( قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ) [ الملك : 23 ] ، وقال ( قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به ) [ الأنعام : 46 ] .
وقوله : ( ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ) أي : بقدرته العظيمة ، ومنته العميمة ، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك ، وأن الآية عامة في ذلك كله .
وقوله : ( ومن يدبر الأمر ) أي : من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ، وهو المتصرف الحاكم الذي لا معقب لحكمه ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، ( يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ) [ الرحمن : 29 ] ، فالملك كله العلوي والسفلي ، وما فيهما من ملائكة وإنس وجان ، فقيرون إليه ، عبيد له ، خاضعون لديه ، ( فسيقولون الله ) أي : هم يعلمون ذلك ويعترفون به ، ( فقل أفلا تتقون ) أي : أفلا تخافون منه أن تعبدوا معه غيره بآرائكم وجهلكم ؟ .
قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31)

قوله تعالى : ( قل من يرزقكم من السماء والأرض ) أي : من السماء بالمطر ، ومن الأرض بالنبات ، ( أمن يملك السمع والأبصار ) أي : من إعطائكم السمع والأبصار ، ( ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ) يخرج الحي من النطفة والنطفة من الحي ، ( ومن يدبر الأمر ) أي : يقضي الأمر ، ( فسيقولون الله ) هو الذي يفعل هذه الأشياء ، ( فقل أفلا تتقون ) أفلا تخافون عقابه في شرككم؟ وقيل : أفلا تتقون الشرك مع هذا الإقرار؟
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features