وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ۙ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ (80)

يذكر تعالى عباده نعمه، ويستدعي منهم شكرها والاعتراف بها فقال: { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا } في الدور والقصور ونحوها تكنُّكم من الحر والبرد وتستركم أنتم وأولادكم وأمتعتكم، وتتخذون فيها الغرف والبيوت التي هي لأنواع منافعكم ومصالحكم وفيها حفظ لأموالكم وحرمكم وغير ذلك من الفوائد المشاهدة، { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ } إما من الجلد نفسه أو مما نبت عليه، من صوف وشعر ووبر.
{ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا } أي: خفيفة الحمل تكون لكم في السفر والمنازل التي لا قصد لكم في استيطانها، فتقيكم من الحر والبرد والمطر، وتقي متاعكم من المطر، { و } جعل لكم { وَمِنْ أَصْوَافِهَا } أي: الأنعام { وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا } وهذا شامل لكل ما يتخذ منها من الآنية والأوعية والفرش والألبسة والأجلة، وغير ذلك.
{ وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ } أي: تتمتعون بذلك في هذه الدنيا وتنتفعون بها، فهذا مما سخر الله العباد لصنعته وعمله.
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ۙ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ (80)

يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده ، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم ، يأوون إليها ، ويستترون بها ، وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع ، وجعل لهم أيضا ( من جلود الأنعام بيوتا ) أي : من الأدم ، يستخفون حملها في أسفارهم ، ليضربوها لهم في إقامتهم في السفر والحضر ولهذا قال : ( تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها ) أي : الغنم ، ( وأوبارها ) أي : الإبل ، ( وأشعارها ) أي : المعز - والضمير عائد على الأنعام - ( أثاثا ) أي : تتخذون منه أثاثا وهو المال . وقيل : المتاع . وقيل : الثياب والصحيح أعم من هذا كله ، فإنه يتخذ من الأثاث البسط والثياب وغير ذلك ، ويتخذ مالا وتجارة .
وقال ابن عباس : الأثاث : المتاع . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وعطية العوفي ، وعطاء الخراساني ، والضحاك ، وقتادة .
وقوله : ( إلى حين ) أي : إلى أجل مسمى ووقت معلوم .
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ۙ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ (80)

( والله جعل لكم من بيوتكم ) [ التي هي من الحجر والمدر ] ( سكنا ) أي : مسكنا تسكنونه ، ( وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا ) يعني الخيام ، والقباب ، والأخبية ، والفساطيط من الأنطاع والأدم ( تستخفونها ) أي : يخف عليكم حملها ، ( يوم ظعنكم ) رحلتكم في سفركم ، قرأ ابن عامر ، وأهل الكوفة ، ساكنة العين ، والآخرون بفتحها ، وهو أجزل اللغتين ، ( ويوم إقامتكم ) في بلدكم لا تثقل عليكم في الحالين .
( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها ) يعني : أصواف الضأن ، وأوبار الإبل ، وأشعار المعز ، والكنايات راجعة إلى الأنعام ، ( أثاثا ) قال ابن عباس : مالا . قال مجاهد : متاعا .
قال القتيبي : " الأثاث " : المال أجمع ، من الإبل والغنم والعبيد ، والمتاع .
وقال غيره : هو متاع البيت من الفرش والأكسية .
( ومتاعا ) بلاغا ينتفعون بها ، ( إلى حين ) يعني الموت . وقيل : إلى حين تبلى .
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ۙ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ (80)

يقول تعالى ذكره ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ ) أيها الناس، ( مِنْ بُيُوتِكُمْ ) التي هي من الحجر والمدر، ( سَكَنًا ) تسكنون أيام مقامكم في دوركم وبلادكم ( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأنْعَامِ بُيُوتًا ) وهي البيوت من الأنطاع والفساطيط من الشعر والصوف والوبر.( تَسْتَخِفُّونَهَا ) يقول: تستخفون حملها ونقلها، ( يَوْمَ ظَعْنِكُمْ ) من بلادكم وأمصاركم لأسفاركم، ( وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ) في بلادكم وأمصاركم.( وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا ).
وبنحو الذي قلنا في معنى السكن قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى ( مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ) قال: تسكنون فيه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
وأما الأشعار فجمع شَعْر تثقل عينه وتخفف، وواحد الشَّعْر شَعْرة. وأما الأثاث فإنه متاع البيت لم يسمع له بواحد، وهو في أنه لا واحد له مثل المتاع. وقد حكي عن بعض النحويين أنه كان يقول: واحد الأثاث أثاثة ولم أر أهل العلم بكلام العرب يعرفون ذلك.
ومن الدليل على أن الأثاث هو المتاع، قول الشاعر:
أهــاجَتْكَ الظَّعــائِنُ يَــوْمَ بـانُوا
بِـذِي الـرّئْيِ الجَـمِيلِ مِـنَ الأثـاث (1)
ويروى: بذي الزيّ ، وأنا أرى أصل الأثاث اجتماع بعض المتاع إلى بعض حتى يكثر كالشعر الأثيث وهو الكثير الملتف، يقال منه، أثّ شعر فلان يئِثّ أثًّا: إذا كثر والتفّ واجتمع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (أثاثا) يعني بالأثاث: المال.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى (أثاثا) قال: متاعا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (أثاثا) قال: هو المال.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن حرب الرازي، قال: أخبرنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن حميد بن عبد الرحمن، في قوله (أثاثا) قال: الثياب.
وقوله ( وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ) فإنه يعني: أنه جعل ذلك لهم بلاغا، يتبلَّغون ويكتفون به إلى حين آجالهم للموت. كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ) فإنه يعني: زينة، يقول: ينتفعون به إلى حين.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ) قال: إلى الموت.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن مَعْمر، عن قتادة ( وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ) إلى أجل وبلغة.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features