يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)

ثم امتن عليهم بما يسر لهم من اللباس الضروري، واللباس الذي المقصود منه الجمال، وهكذا سائر الأشياء، كالطعام والشراب والمراكب، والمناكح ونحوها، قد يسر اللّه للعباد ضروريها، ومكمل ذلك، و[بين لهم] أن هذا ليس مقصودا بالذات، وإنما أنزله اللّه ليكون معونة لهم على عبادته وطاعته، ولهذا قال: { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } من اللباس الحسي، فإن لباس التقوى يستمر مع العبد، ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح. وأما اللباس الظاهري، فغايته أن يستر العورة الظاهرة، في وقت من الأوقات، أو يكون جمالا للإنسان، وليس وراء ذلك منه نفع. وأيضا، فبتقدير عدم هذا اللباس، تنكشف عورته الظاهرة، التي لا يضره كشفها، مع الضرورة، وأما بتقدير عدم لباس التقوى، فإنها تنكشف عورته الباطنة، وينال الخزي والفضيحة. وقوله: { ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } أي: ذلك المذكور لكم من اللباس، مما تذكرون به ما ينفعكم ويضركم وتشبهون باللباس الظاهر على الباطن.
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)

( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم ) أي : خلقنا لكم ( لباسا ) وقيل : إنما قال : " أنزلنا " لأن اللباس إنما يكون من نبات الأرض ، والنبات يكون بما ينزل من السماء ، فمعنى قوله : ( أنزلنا ) أي : أنزلنا أسبابه . وقيل : كل بركات الأرض منسوبة إلى بركات السماء كما قال تعالى : " وأنزلنا الحديد " ( سورة الحديد 25 ) ، وإنما يستخرج الحديد من الأرض .
وسبب نزول هذه الآية : أنهم كانوا في الجاهلية يطوفون بالبيت عراة ، ويقولون : لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها ، فكان الرجال يطوفون بالنهار والنساء بالليل عراة .
وقال قتادة : كانت المرأة تطوف وتضع يدها على فرجها وتقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله
فأمر الله سبحانه بالستر فقال : ( قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم ) يستر عوراتكم ، واحدتها سوأة ، سميت بها لأنه يسوء صاحبها انكشافها ، فلا تطوفوا عراة ، ( وريشا ) يعني : مالا في قول ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي : يقال : تريش الرجل إذا تمول . وقيل : الريش الجمال ، أي : ما يتجملون به من الثياب ، وقيل : هو اللباس .
( ولباس التقوى ذلك خير ) قرأ أهل المدينة وابن عامر والكسائي " ولباس " بنصب السين عطفا على قوله ( لباسا ) وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء وخبره ( خير ) وجعلوا ( ذلك ) صلة في الكلام ، ولذلك قرأ ابن مسعود وأبي بن كعب ( ولباس التقوى خير )
واختلفوا في ( ولباس التقوى ) قال قتادة والسدي : لباس التقوى هو الإيمان . وقال الحسن : هو الحياء لأنه يبعث على التقوى .
وقال عطية عن ابن عباس : هو العمل الصالح . وعن عثمان بن عفان أنه قال : السمت الحسن .
وقال عروة بن الزبير : لباس التقوى خشية الله ، وقال الكلبي : هو العفاف . والمعنى : لباس التقوى خير لصاحبه إذا أخذ به مما خلق له من اللباس للتجمل .
وقال ابن الأنباري : لباس التقوى هو اللباس الأول وإنما أعاده إخبارا أن ستر العورة خير من التعري في الطواف .
وقال زيد بن علي : لباس التقوى الآلات التي يتقى بها في الحرب كالدرع والمغفر والساعد والساقين .
وقيل : لباس التقوى هو الصوف والثياب الخشنة التي يلبسها أهل الورع . ( ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون ) .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features