يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30)

{ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا } أي: كاملا موفرا لم ينقص مثقال ذرة، كما قال تعالى: { فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره } والخير: اسم جامع لكل ما يقرب إلى الله من الأعمال الصالحة صغيرها وكبيرها، كما أن السوء اسم جامع لكل ما يسخط الله من الأعمال السيئة صغيرها وكبيرها { وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدًا بعيدًا } أي: مسافة بعيدة، لعظم أسفها وشدة حزنها، فليحذر العبد من أعمال السوء التي لا بد أن يحزن عليها أشد الحزن، وليتركها وقت الإمكان قبل أن يقول { يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله } { يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض } { ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانًا خليلا } { حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين } فوالله لترك كل شهوة ولذة وان عسر تركها على النفس في هذه الدار أيسر من معاناة تلك الشدائد واحتمال تلك الفضائح، ولكن العبد من ظلمه وجهله لا ينظر إلا الأمر الحاضر، فليس له عقل كامل يلحظ به عواقب الأمور فيقدم على ما ينفعه عاجلا وآجلا، ويحجم عن ما يضره عاجلا وآجلا، ثم أعاد تعالى تحذيرنا نفسه رأفة بنا ورحمة لئلا يطول علينا الأمد فتقسو قلوبنا، وليجمع لنا بين الترغيب الموجب للرجاء والعمل الصالح، والترهيب الموجب للخوف وترك الذنوب، فقال { ويحذركم الله نفسه والله رءوفٌ بالعباد } فنسأله أن يمن علينا بالحذر منه على الدوام، حتى لا نفعل ما يسخطه ويغضبه.
يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30)

قوله تعالى : ( يوم تجد كل نفس ) نصب يوما بنزع حرف الصفة أي في يوم ، وقيل : بإضمار فعل أي : اذكروا واتقوا يوم تجد كل نفس ( ما عملت من خير محضرا ) لم يبخس منه شيء كما قال الله تعالى : " ووجدوا ما عملوا حاضرا " ( 49 - الكهف ( وما عملت من سوء ) جعله بعضهم خبرا في موضع النصب أي تجد محضرا ما عملت من الخير [ والشر فتسر بما عملت من الخير ] وجعله بعضهم خبرا مستأنفا ، دليل هذا التأويل : قراءة ابن مسعود رضي الله عنهما " وما عملت من سوء ودت لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا "
قوله تعالى : ( تود لو أن بينها ) أي بين النفس ( وبينه ) يعني وبين السوء ( أمدا بعيدا ) قال السدي : مكانا بعيدا ، وقال مقاتل : كما بين المشرق والمغرب ، والأمد الأجل والغاية التي ينتهى إليها ، وقال الحسن : يسر أحدهم أن لا يلقى عمله أبدا ، وقيل يود أنه لم يعمله ( ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد ) .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features