وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)

ولما حكم لإبراهيم عليه السلام، بما بين به من البراهين القاطعة قال: { وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ } أي: علا بها عليهم، وفلجهم بها. { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ } كما رفعنا درجات إبراهيم عليه السلام في الدنيا والآخرة، فإن العلم يرفع الله به صاحبه فوق العباد درجات. خصوصا العالم العامل المعلم، فإنه يجعله الله إماما للناس، بحسب حاله ترمق أفعاله، وتقتفى آثاره، ويستضاء بنوره، ويمشى بعلمه في ظلمة ديجوره. قال تعالى { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } فلا يضع العلم والحكمة، إلا في المحل اللائق بها، وهو أعلم بذلك المحل، وبما ينبغي له.
وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)

قوله عز وجل : ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ) حتى خصمهم وغلبهم بالحجة ، قال مجاهد : هي قوله : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن ) وقيل : أراد به الحجاج الذي حاج نمرود على ما سبق في سورة البقرة .
( نرفع درجات من نشاء ) بالعلم ، قرأ أهل الكوفة ويعقوب ( درجات ) بالتنوين هاهنا وفي سورة يوسف ، أي : نرفع درجات من نشاء بالعلم والفهم والفضيلة والعقل ، كما رفعنا درجات إبراهيم حتى اهتدى وحاج قومه في التوحيد ، ( إن ربك حكيم عليم )
وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)

قوله تعالى وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم قوله تعالى وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم " تلك " إشارة إلى جميع احتجاجاته حتى خاصمهم وغلبهم بالحجة . وقال مجاهد : هي قوله : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم . وقيل : حجته عليهم أنهم لما قالوا له : أما تخاف أن تخبلك آلهتنا لسبك إياها ؟ قال لهم : أفلا تخافون أنتم منها إذ سويتم بين الصغير والكبير في العبادة والتعظيم ; فيغضب الكبير فيخبلكم ؟ .
نرفع درجات من نشاء أي بالعلم والفهم والإمامة والملك . وقرأ الكوفيون " درجات " بالتنوين . ومثله في " يوسف " أوقعوا الفعل على " من " لأنه المرفوع في الحقيقة ، التقدير : ونرفع من نشاء إلى درجات . ثم حذفت إلى . وقرأ أهل الحرمين وأبو عمرو بغير تنوين على الإضافة ، والفعل واقع على الدرجات ، وإذا رفعت فقد رفع صاحبها . يقوي هذه القراءة قوله تعالى : رفيع الدرجات وقوله عليه السلام : اللهم ارفع درجته . فأضاف الرفع إلى الدرجات . وهو لا إله إلا هو الرفيع المتعالي في شرفه وفضله . فالقراءتان متقاربتان ; لأن من رفعت درجاته فقد رفع ، ومن رفع فقد رفعت درجاته ، فاعلم . إن ربك حكيم عليم يضع كل شيء موضعه .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features