إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ۩ (206)

ثم ذكر تعالى أن له عبادا مستديمين لعبادته، ملازمين لخدمته وهم الملائكة، فلتعلموا أن اللّه لا يريد أن يتكثر بعبادتكم من قلة، ولا ليتعزز بها من ذلة، وإنما يريد نفع أنفسكم، وأن تربحوا عليه أضعاف أضعاف ما عملتم، فقال: إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ من الملائكة المقربين، وحملة العرش والكروبيين. لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ بل يذعنون لها وينقادون لأوامر ربهم وَيُسَبِّحُونَهُ الليل والنهار لا يفترون. وَلَهُ وحده لا شريك له يَسْجُدُونَ فليقتد العباد بهؤلاء الملائكة الكرام، وليداوموا [على] عبادة الملك العلام. تم تفسير سورة الأعراف وللّه الحمد والشكر والثناء. وصلى اللّه على محمد وآله وصحبه وسلم.
إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ۩ (206)

( إن الذين عند ربك ) يعني : الملائكة المقربين بالفضل والكرامة ، ( لا يستكبرون ) لا يتكبرون ، ( عن عبادته ويسبحونه ) وينزهونه ويذكرونه ، فيقولون : سبحان الله . ( وله يسجدون )
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنبأنا أحمد بن الحسن الحيري ، أنبأنا حاجب بن أحمد الطوسي ، ثنا عبد الرحيم بن منيب ، ثنا يعلى بن عبيد عن الأعمش ، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ، فيقول : يا ويله أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار "
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ثنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، ثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، ثنا حميد بن زنجويه ، ثنا محمد بن يوسف ، ثنا الأوزاعي ، عن الوليد بن هشام ، عن معدان قال : سألت ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت : حدثني حديثا ينفعني الله به ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها سيئة " .
إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ۩ (206)

فقال : ( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته [ ويسبحونه وله يسجدون ] ) وإنما ذكرهم بهذا ليتشبه بهم في كثرة طاعتهم وعبادتهم ; ولهذا شرع لنا السجود هاهنا لما ذكر سجودهم لله ، عز وجل ، كما جاء في الحديث : " ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ، يتمون الصفوف الأول ، ويتراصون في الصف "
وهذه أول سجدة في القرآن ، مما يشرع لتاليها ومستمعها السجود بالإجماع . وقد ورد في حديث رواه ابن ماجه ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عدها في سجدات القرآن
آخر [ تفسير ] سورة الأعراف ، ولله الحمد والمنة .
إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ۩ (206)

القول في تأويل قوله : إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لا تستكبر، أيها المستمع المنصت للقرآن، عن عبادة ربك, واذكره إذا قرئ القرآن تضرعًا وخيفة ودون الجهر من القول, فإن الذين عند ربك من ملائكته لا يستكبرون عن التواضع له والتخشع, وذلك هو " العبادة ". (84) =(ويسبحونه)، يقول: ويعظمون ربهم بتواضعهم له وعبادتهم (85) =(وله يسجدون)، يقول: ولله يصلون = وهو سجودهم = (86) فصلوا أنتم أيضًا له, وعظموه بالعبادة، كما يفعله من عنده من ملائكته.
* * *
آخر تفسير سورة الأعراف (87)
------------------------
الهوامش:
(84) انظر تفسير (( العبادة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( عبد ) .
(85) انظر تفسير (( التسبيح )) فيما سلف 1 : 474 - 476 / 6 : 391 ، ومادة ( سبح ) في فهارس اللغة .
(86) انظر تفسير (( السجود )) فيما سلف من فهارس اللغة ( سجد ) .
(87) عند هذا الموضع انتهى جزء من التقسيم القديم الذي نقلت عنه نسختنا، وفيها ما نصه: "والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا . الحمد لله رب العالمين" .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features