يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)

وفي ذلك اليوم { يَقُومُ الرُّوحُ } وهو جبريل عليه السلام، الذي هو أشرف الملائكة { وَالْمَلَائِكَةِ } [أيضا يقوم الجميع] { صَفًّا } خاضعين لله { لَا يَتَكَلَّمُونَ } إلا بما أذن لهم الله به .
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)

( يوم يقوم الروح ) أي في ذلك اليوم ( والملائكة صفا ) واختلفوا في هذا الروح ، قال الشعبي والضحاك : هو جبريل .
وقال عطاء عن ابن عباس : " الروح " ملك من الملائكة ما خلق الله مخلوقا أعظم منه ، فإذا كان يوم القيامة قام وحده صفا وقامت الملائكة كلهم صفا واحدا ، فيكون عظم خلقه مثلهم .
وعن ابن مسعود قال : الروح ملك أعظم من السماوات ومن الجبال ، ومن الملائكة وهو في السماء الرابعة ، يسبح كل يوم اثني عشر [ ألف ] تسبيحة ، يخلق من كل تسبيحة ملك يجيء يوم القيامة صفا وحده .
وقال مجاهد ، وقتادة ، وأبو صالح : " الروح " خلق على صورة بني آدم ليسوا بناس يقومون صفا والملائكة صفا ، هؤلاء جند وهؤلاء جند .
وروى مجاهد عن ابن عباس قال : هم خلق على صورة بني آدم وما ينزل من السماء ملك إلا معه واحد منهم .
وقال الحسن : هم بنو آدم . ورواه قتادة عن ابن عباس ، وقال : هذا مما كان يكتمه ابن عباس .
" والملائكة صفا " قال الشعبي : هما سماطا رب العالمين ، يوم يقوم سماط من الروح وسماط من الملائكة .
( لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) في الدنيا ، أي حقا . وقيل : قال : لا إله إلا الله .
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)

وقوله : ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون ) اختلف المفسرون في المراد بالروح هاهنا ، ما هو ؟ على أقوال :
أحدها : رواه العوفي ، عن ابن عباس : أنهم أرواح بني آدم .
الثاني : هم بنو آدم . قاله الحسن ، وقتادة ، وقال قتادة : هذا مما كان ابن عباس يكتمه .
الثالث : أنهم خلق من خلق الله ، على صور بني آدم ، وليسوا بملائكة ولا ببشر ، وهم يأكلون ويشربون . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وأبو صالح والأعمش .
الرابع : هو جبريل . قاله الشعبي ، وسعيد بن جبير ، والضحاك . ويستشهد لهذا القول بقوله : ( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ) [ الشعراء : 193 ، 194 ] وقال مقاتل بن حيان : الروح : أشرف الملائكة ، وأقرب إلى الرب - عز وجل - وصاحب الوحي .
والخامس : أنه القرآن . قاله ابن زيد ، كقوله : ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) الآية [ الشورى : 52 ] .
والسادس : أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات ; قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : قوله : ( يوم يقوم الروح ) قال : هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقا .
وقال ابن جرير : حدثني محمد بن خلف العسقلاني ، حدثنا رواد بن الجراح ، عن أبي حمزة ، عن الشعبي ، عن علقمة ، عن ابن مسعود قال : الروح : في السماء الرابعة هو أعظم من السماوات ومن الجبال ومن الملائكة ، يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة ، يخلق الله من كل تسبيحة ملكا من الملائكة يجيء يوم القيامة صفا وحده ، وهذا قول غريب جدا .
وقد قال الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله بن عرس المصري ، حدثنا وهب [ الله بن رزق أبو هريرة ، حدثنا بشر بن بكر ] ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني عطاء ، عن عبد الله بن عباس : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن لله ملكا لو قيل له : التقم السماوات السبع والأرضين بلقمة واحدة ، لفعل ، تسبيحه : سبحانك حيث كنت " .
وهذا حديث غريب جدا ، وفي رفعه نظر ، وقد يكون موقوفا على ابن عباس ، ويكون مما تلقاه من الإسرائيليات ، والله أعلم .
وتوقف ابن جرير فلم يقطع بواحد من هذه الأقوال كلها ، والأشبه - والله أعلم - أنهم بنو آدم .
وقوله : ( إلا من أذن له الرحمن ) كقوله : ( لا تكلم نفس إلا بإذنه ) [ هود : 105 ] . وكما ثبت في الصحيح : " ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل " .
وقوله ( وقال صوابا ) أي : حقا ، ومن الحق : " لا إله إلا الله " ، كما قاله أبو صالح ، وعكرمة .
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)

قوله تعالى : يوم يقوم الروح والملائكة صفا " يوم " نصب على الظرف ; أي يوم لا يملكون منه خطابا يوم يقوم الروح . واختلف في الروح على أقوال ثمانية :
الأول : أنه ملك من الملائكة . قال ابن عباس : ما خلق الله مخلوقا بعد العرش أعظم منه ، فإذا كان يوم القيامة قام هو وحده صفا وقامت الملائكة كلهم صفا ، فيكون عظم خلقه مثل صفوفهم . ونحو منه عن ابن مسعود ; قال : الروح ملك أعظم من السماوات السبع ، ومن الأرضين السبع ، ومن الجبال . وهو حيال السماء الرابعة ، يسبح الله كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة ; يخلق الله من كل تسبيحة ملكا ، فيجيء يوم القيامة وحده صفا ، وسائر الملائكة صفا .
الثاني : أنه جبريل - عليه السلام - . قاله الشعبي والضحاك وسعيد بن جبير . وعن ابن عباس : إن عن يمين العرش نهرا من نور ، مثل السماوات السبع ، والأرضين السبع ، والبحار السبع ، يدخل جبريل كل يوم فيه سحرا فيغتسل ، فيزداد نورا على نوره ، وجمالا على جماله ، وعظما على عظمه ، ثم ينتفض فيخلق الله من كل قطرة تقع من ريشه سبعين ألف ملك ، يدخل منهم كل يوم سبعون ألفا البيت المعمور ، والكعبة سبعون ألفا لا يعودون إليهما إلى يوم القيامة . وقال وهب : إن جبريل - عليه السلام - واقف بين يدي الله تعالى ترعد فرائصه ; يخلق الله تعالى من كل رعدة مائة ألف ملك ، فالملائكة صفوف بين يدي الله تعالى منكسة رؤوسهم ، فإذا أذن الله لهم في الكلام قالوا : لا إله إلا أنت ; وهو قوله تعالى : يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن في الكلام وقال صوابا يعني قول : لا إله إلا أنت .
والثالث : روى ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الروح في هذه الآية جند من جنود الله تعالى ، ليسوا ملائكة ، لهم رؤوس وأيد وأرجل ، يأكلون الطعام . ثم قرأ يوم يقوم الروح والملائكة صفا فإن هؤلاء جند ، وهؤلاء جند . وهذا قول أبي صالح ومجاهد . وعلى هذا هم خلق على صورة بني آدم ، كالناس وليسوا بناس .
الرابع : أنهم أشراف الملائكة ; قاله مقاتل بن حيان .
الخامس : أنهم حفظة على الملائكة ; قاله ابن أبي نجيح .
السادس : أنهم بنو آدم ، قاله الحسن وقتادة . فالمعنى ذوو الروح . وقال العوفي والقرظي : هذا مما كان يكتمه ابن عباس ; قال : الروح : خلق من خلق الله على صور بني آدم ، وما نزل ملك من السماء إلا ومعه واحد من الروح .
السابع : أرواح بني آدم تقوم صفا ، فتقوم الملائكة صفا ، وذلك بين النفختين ، قبل أن ترد إلى الأجساد ; قاله عطية .
الثامن : أنه القرآن ; قال زيد بن أسلم ، وقرأ وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا . و ( صفا ) : مصدر أي يقومون صفوفا . والمصدر ينبئ عن الواحد والجمع ، كالعدل ، والصوم . ويقال ليوم العيد : يوم الصف . وقال في موضع آخر : وجاء ربك والملك صفا صفا هذا يدل على الصفوف ، وهذا حين العرض والحساب . قال معناه القتبي وغيره . وقيل : يقوم الروح صفا ، والملائكة صفا ، فهم صفان . وقيل : يقوم الكل صفا واحدا .
لا يتكلمون أي لا يشفعون إلا من أذن له الرحمن في الشفاعة وقال صوابا يعني حقا ; قاله الضحاك ومجاهد . وقال أبو صالح : لا إله إلا الله . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : يشفعون لمن قال لا إله إلا الله . وأصل الصواب . السداد من القول والفعل ، وهو من أصاب يصيب إصابة ; كالجواب من أجاب يجيب إجابة . وقيل : لا يتكلمون يعني الملائكة والروح الذين قاموا صفا ، لا يتكلمون هيبة وإجلالا إلا من أذن له الرحمن في الشفاعة وهم قد قالوا صوابا ، وأنهم يوحدون الله تعالى ويسبحونه . وقال الحسن : إن الروح يقول يوم القيامة : لا يدخل أحد الجنة إلا بالرحمة ، ولا النار إلا بالعمل . وهو معنى قوله تعالى : وقال صوابا .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features